الكفاءة قبل الولاء / بويايْ سيدأحمد اعلِ

اثنين, 10/02/2020 - 14:07

القرار السائد والمعمول به بخصوص التعيينات ولو بصورة غير معلنة فى أروقة الدولة والأنظمة المتعاقبة دائما مايكون على أساس الولاء السياسي للسلطة التنفيذية دون إعارة أهتمام كبير بكفاءة المسؤولين المعيّنين ونزاهتهم وقدرتهم على تسيير شؤون إداراتهم واستقطاب الرأي العام والتفاعل مع قضايا المواطن مُعاينةً لا من وراء كراسي المكاتب وعن طريق بطانة المسؤول
والطامة الكبرى أن رأس هرم السلطة يظن أن التحكم فى القرارات وضمان استمرارية الكرسي يكون من خلال الولاء، لا من خلال الكفاءة. فالولاء قبل الكفاءة لإنطلاق قطار تصوُرات التنمية المتخيلة ذاك مايؤمن به الرئيس والوزير وإن كانت هناك استثناءات لكنها لاترقى إلى درجة التأثير ،وهنا لابد أن ندرك أن هذا التصور والعقلية نمطان تقليديان يحتاجان مراجعة و تحديثا للعقلية السياسية وتهيِيئا ومسحا للذاكرة الصلبة ،ثم إن مستجدات السياسة وإكراهات الزمن وتغَيُّر السلوكيات والعقليات البشرية يفرض على وُلاةِ الأمر أن ينتقلوا من البناء الفكرى الديماغوجى الوهمي الخاطئ الذي يفكرون به إلى التحرر من عقلية نظام الموالاة إلى نظام ودولة الكفاءات .
إن الكفاءة والنزاهة يجب ان تكونا شرطا أساسيا من شروط الممارسة الثقافية السياسية فى التعيين بإعتبارهما مطلبا شعبيا ملحا بات يفرض نفسه فى ظل الطموح ببناء دولة مؤسساتية .
ليس معنى هذا إقصاء الكفاءات على اساس الولاء ولا إقصاء الموالين بسبب الولاء وإنما يجب ان تكون الأولوية فى التعيينات وشُغل المناصب للكفاءات قبل الولاءات السياسية والحزبية من منظور مُحاصصاتي أو من زاوية التكريم من منطلق حصد الاصوات الانتخابية وتوجيه القواعد الشعبية والحيووية والظهور فى المناسبات السياسية والضغط على الناخبين وتوجيه بوصلة الرأي العام وذلك بإستغلال المنصب أو الموقع الاجتماعي ضمن الخريطة الأهلية والتضاريس القبلية الذى لازال يُحظى فى بعض الأوساط بنوع من الاحترام والتقدير تحتفظ به العقلية التقليدية والذاكرة الشعبية والمخيلة الشعبوية بعيدا عن التقوى والخوف من الله وكلما يخدش الذوق العام وكأن بعضا من المُسَلَّمات الخرافية لازال يكتسى صبغة قدسية .
إن كل مخلفات التخلف الذي تقبع فيه بلدان العالم الثالث وسوء التسير المالي والإداري ماهو إلا نتيجة التخندق الحزبي الضيق والأصطفاف وراء صفقة ضمان المصالح الشخصية بين بعض رموز الانظمة والحاكم على حساب المصلحة العليا للمواطن والوطن وانتهاز غياب وتغييب مبدإ المساءلة والمكافأة وعزف سيمفونية الشرائحية وضرب دف المحاباة وشدو أشعار تنويم المجتمع وتجهيله وتركيع نخبته العلمية وتقزيم دورها وتقليم اظافرها وإجبارها على الرقص للحاكم رغما عن أنفها وجعلها تحضر الندوات مكرهة تستمع محاضرات فى شتى المجالات من بعض متصدرى الشأن السياسي الذين فشلوا فى الدراسة فهجروا مقاعدها دون أن يكملوا تعليمهم الإعدادي فوجدوا ضالتهم فى بيئة خصبة للحصاد السياسي عقيمة للبذر المعرفي العلمي.