درجة الحرارة غير مستقرة / أحمد ولد الشيخ

سبت, 14/07/2018 - 09:51

"كن شجاعا، فسوف تحتاج إلى ذلك. وعلى كل حال، سنكون هنا ".هذه هي الكلمات، قليلة الدبلوماسية جداً، التي أرسلها إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، عند مغادرته نواكشوط، إلى أذن ولد عبد العزيز، والتي خلدتها الكاميرات. لا شك أن الرئيسين كانا يريدان أن تبقى هذه الكلمات

 سرا بينهما، لتجنب سيل التفسيرات المتناقضة التي ستعطى لها بكل تأكيد. ففي زيارة لموريتانيا يومي 1 و2 يونيو لحضور مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي وإجراء محادثات مع رؤساء دول مجموعة G5 الساحل، كان ماكرون يعدو بسرعة كبيرة. وقبل بضعة أيام من وصوله، ضرب هجومان إرهابيان بالفعل قيادة أركان قوة مجموعة G5 الساحل ومقر قوة برخان في مالي، مخلفين حوالي عشرة قتلى، والعديد من الجرحى وأضرارا جسيمة. لم يتم اختيار الأماكن (گاو وسافاري) ولا التواريخ اختيارا عشوائيا. وبما أن الجهاديين يعلمون أن مجموعة G5 الساحل ستجتمع، فقد أرادوا إرسال إشارة قوية إلى القادة الذين لم يستطيعوا حتى الآن الاتفاق على ما يجب القيام به في مواجهة خطر يمكن أن يضرب في أي مكان. لقد قالها ماكرون وأولاند، قبله، وردداها مرارا وتكرارا: يتعين على الدول نفسها ضمان أمن الأراضي التي تسيرها.  ولكن يجب عليها أن تتوفر على وسائل ذلك وتتفق وتحصل على دعم المجتمع الدولي. وهيهات أن يكون الأمر كذلك.  تريد فرنسا السيطرة على كل شيء في المنطقة، ولم تصل بعد الأموال التي تم الوعد بها، ويعيش الجيش المالي وضعا حرجا، وتعارض موريتانيا بجميع الوسائل،  لكيلا تشارك قواتها في قتال عدو سبق أن قارعوه وبالطبع لم يبسط لهم السجاد الأحمر. لقد شكل لمغيطي، والغلاوية، وتورين، وواگادو، وحاسي سيدي، كلها معارك خاسرة ضد هؤلاء الرجال الملتحين المراوغين الذين يطمحون إلى شيء واحد فقط: الموت كشهداء. لم يعد قائدنا المستنير الذي أوجعته هذه التجارب الفاشلة، يرغب في المخاطرة. فمنذ عام 2011، لم يهاجم أي شخص ورفض، رغم إصرار فرنسا، المشاركة في الحرب في مالي. وتحدث البعض عن "عقد شرف" مع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجدت في أوراق بن لادن بعد وفاته. وإذا كان الأمر كذلك، فقد لا تكون قوة G5 الساحل أحسن حظا من عملية سيرفال. نشرت فرنسا منذ حوالي ست سنوات قواتها في الساحل، في إطار عملية مكلفة، في الرجال والمعدات، وتريد الانسحاب تدريجيا، وفسح المجال أمام دول المنطقة لضمان سلامتها .إنها معركة أصعب بكثير. وفي هذا السياق بالذات، ربما يتعين وضع جملة ماكرون .هل يريد تشجيع ولد عبد العزيز على المضي قدما في مجموعة G 5 الساحل، وإرسال القوات وأخيراً القتال ميدانيا، مثل الآخرين؟ هذا هو التفسير الأكثر قبولا ولكن في مقابل ما ذا يمكن أن يرسل كبير بقالينا قواته إلى حرب بهذه الدرجة من الخطورة؟ هل تغض فرنسا طرفها إذا حاول، غدًا، التلاعب بالدستور، للبقاء في السلطة؟  هل تضحي بمبادئها المقدسة المتمثلة في الحرية والديمقراطية، مقابل حرب بالوكالة؟ يقال إن الدولة ليس لها أصدقاء، بل مصالح فقط.  صحيح، ولكن إذا قبلت فرنسا هذه المساومة المفسدة، فلا شيء يمكن من التأكد من أن ولد عبد العزيز سيفي بجميع شروطها. من حرقه الماء الساخن خاف الماء البارد [من نهشته الحية حذر الرسن الأبلق]... خاصة أن الماء يمكن أن يغلي في أية لحظة.