استمرار التبرير يجذر الخطأ / سيدي عيلال

اثنين, 09/09/2019 - 09:29

لكل وطن تاريخه ، وفي كل تاريخ لحظات مؤلمة وأخرى رائعة ، والشعوب تحتفظ بلحظاتها الرائعة كمحطات خالدة ، تعزز الوحدة وتشجع التضحية من اجل الوطن ، أما اللحظات الحزينة فتتم معالجة أسباب إيلامها، وتضميد جراحها ، وتصحيح آثارها ومسارها ، واستئصالها ،حتى لا يظل الضحايا وأحفادهم يتوارثونها ،وحتى لا تظل فوهة بركان خلافاتٍ نشط يهدد بالانفجار كل حين ؛ فمعالجة الماضي أكثر سلاسة وقبولا من تسيير الحاضر المختلة أسسه ، والتخطيط للمستقبل ، فهل هذه هي الحال عندنا ؟ من الواضح أن كل نظام تأثر بظروفه الزمنية وطموح قياداته الضيقة ومعالجة قضايا الوطن الملحة ، وفق آليات الحاضر المعاش ساعتها ، وإمكانات الوطن المتوفرة في تلك اللحظة ، لذالك تضاربت اجتهادات الأنظمة ، واتسمت قراراتها بسمة واقعها المعاش في زمانها ووفق إمكانياتها ، لذالك ليس غريبا إن يُكره السلف أو بعضه على منهج لا يتماشى وطموحهم ، ولا يعبر عن شخصيتهم المميزة ،ولا عن ارتباطهم الحضاري والجغرافي ، فالمسيطر هو من يحدد التوجه الفعلي ، وان بصفة غير مباشرة ، لكن الغريب هو أن تستمر نُخَب وطنية في حماية أخطاء الذين اخطئوا والذين اكرهوا على الخطأ وقلوبهم عامرة بالإيمان بل وتُزَيف التاريخ بطريقة مخلة بكبرياء الإنسان وبمكانة الوطن في نفوس المؤمنين به .إن الذين يشوهون صورة ألئك الذين أغاظوا العدو ــ ولو في قلوبهم فقط ــ إنما يفضحون أنفسهم ويسيئون إلى كل مجتهد لم يوفق في اجتهاده ، أو اتضح بعد تَغيُر الأحوال خطأ قياسه ، ويشوهون صورتهم ، و يشتتون جهدهم ، في وطن خرج من عنق زجاجة المستعمر، بعد مخاض طويل ومؤلم ومحزن ، انتهكت فيه الحرمات ، وشاع الفسق والعقوق وتم التستر عليهما وصودرت من أبنائه جذوة الارتباط به ، وطليَ جرب معوقاته على وبره ، فكانت كل الحلول مجرد تنظير خجول ،تفرغه المجاملات وضعف القناعة به ، من الحاجة إليه ، ليستمر الوطن المتعدد الأعراق والنعرات في تخزين الألم ، والاتهام المبطن والمتبادل ، ولِتتحكم في مكوناته مسوغات الشعور بالغبن والظلم والإقصاء ورفض المشاركة وفي فرن هذ الحصاد المر والمتباين وبين الفينة والأخرى تُستغل العواطف وتُثار الفتن فيتقهقر الوطن .من حق الأجيال أن تطلع على تاريخها مهما كان فهدف الجميع ليس البقاء فقط إنما تشييد وطن متصالح مع ذاته يوفر الأمن والأمان ويحقق مطالب الكل في العيش الرغيد الكريم ، فخور باجتهادات سلفه تتساوى فرص الرفاهة فيه لكل أبنائه يفتخر الكل بالانتماء إليه ؛ فلا يكاد وطن حديث يخلو من مواجهات دامية داخلية وظلم تفرضه الطائفة القوية على الطائفة الضعيفة وغبن وتهميش واسترقاق واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان ، وهي مظاهر بشعة ومحزنة ويجب أن تتضح جدية رفضها حتى لا نظل نعيش تاريخ الإثم والتقصير في كنف وطن العدل والإخاء والمساواة وحتى لا يظل التناقض يؤجج مشاعر الضعفاء ويهدد وجود الوطن، فمطالب تأمين البقاء تعيق ضرورات التنمية الملحة وحتى لا تظل الجهود مبذولة فقط للحد من ثوران البركان يجب أن نتصارح وان نعترف بالخطأ وندين الظلم ونمتلك الجرأة على رفض الاحتكار وقبول حق المشاركة فعهد المن والإغراء والزبونية في تقهقر مستمر ولولا تمسك البعض ببعض الهوامش المستترة لكنا أمام واقع مختلف يساهم فيه الجميع كل من موقعه وحسب جهده