طلاق الأبناء:.."أحمد يتيم ولكن!" / د.اسلم ولدالطالب أعبيدي

أحد, 15/09/2019 - 13:30

قصة قصيرة لاتستهدف شخصا بعينه وإنما هي فقط نقد لظاهرة اجتماعية سيئة في مجتمعنا و منافية لتعاليم ديننا ولكل القيم الإنسانية وهي ظاهرة :

#طلاق_الأبناء

فبمجرد أن يفارق أحدهم أم أبنائه يتنصل من واجباته الشرعية والإنسانية تجاه أبنائه بطلقة ثانية أو ثالثة لاسيما إذا تزوج من أخرى وأنجب منها.

فمن رحم تلك المأساة الإجتماعية في بلاد السيبة!  ولدت قصة "أحمد" فهي نقد لواقعنا من وحي الخيال.

....

(أحمد) صبي في الثامنة من عمره طلق والده أمه وهو في سن الثالثة..مضت الأيام ودخل الصبي المدرسة ودخلها معه (جميل) صبي آخر يتيم الأب فأوصت أم (أحمد) ابنها  بأن يصحب (جميل ) لما لمسته فيه من جد ومثابرة وحسن خلق.

وهكذا أصبح (جميل )أعز صديق عند (أحمد ) وذات صباح تعرض (جميل )بحضور صديقه (أحمد ) لسب وشتم من تلميذ مشاغب وكان فيما عيره به أنه "يتيم".

لم يفهم (أحمد) معنى كلمة يتيم ولكنه أدرك أنها قاسية لأن صديقه انهار بعدها واستسلم لدموعه ..وعندما عاد (أحمد ) إلى أمه سألها عن معنى اليتيم وقص عليها القصة وببساطة حاولت أن تتهرب ولكن اصراره دفعها للبحث عن جواب فقالت :هو من ذهب أبوه إلى الجنة أي أنه لايمكن أن يشاهده إلا في نومه أو في الصور  وحاولت أن تبين له أن اليتم ليس عيبا وعليه أن يفخر بصديقه ..فقال لها إذن وأنا أيضا يتيم..فصرخت في وجهه : ( لا..أجارك الله..فأبوك حي يرزق) وابيضت عينها حزنا لواقع لايمكن أن تغيره...لحظات.. وهدأت أم أحمد ليستأنف بوحه :ولكنني يا أمي لا أراه إلا في نومي أو الصور .!

....هي فعلا جملة بسيطة في تركيبها لكنها معقدة جدا...جملة قدم من خلالها الصبي (أحمد) درسا عميقا لعشرات الرجال لوكانوا يعقلون.!

خلاصة ذلك الدرس : أنه لافرق عند الطفل أيا كان بين فقد أب لأن الموت اختطفه قهرا أو فقده لأن الأب قرر بملئ إرادته أن يهجر ابنه وفلذة كبده لا لذنب اقترفه  سوى أن علاقته بأمه لم تعد قائمة.

 (أحمد) لم يعد ذلك الصبي الذي كان يقهر في اليوم ألف مرة وهو يشاهد آباء يحتضنون أبناءهم ويداعبونهم ويكتفي بالتفرج المؤلم دون أن يعبر عن قهره وحزنه ...

 فبعد أن أخبروه أن والده موظف محترم في دولة أجنبية وأن له صفحة على "الفيس بوك"، أصبح يتابع صفحته باستمرار فكلما شاهد شخصا يتصفح الموقع الأخضر طلب منه أن يفتح له صفحة (بابا) بابا الذي يعود إلى الوطن في عطلة شهرية كل سنة ولايخصص منها ساعة واحدة ل (احمد ) ومع ذلك فإن (أحمد) يشعر بسعادة لاتخفيها قسمات وجهه وهو يتصفح صور (بابا ) مع إخوة (أحمد ) من أم أخرى على صفحة (بابا ) وهو يدون عنهم بحنان وحب!!..حنان لم يشعر به (أحمد ) وحرم منه طوال هذه السنين، وهو يحلم بذلك اليوم الذي سيفاخر فيه زملاءه أنه والده  مسح بيده على رأسه وقدم له هدية وألعابا ...إلخ.

أحلام بسيطة  ولكن (أحمد) تنازل عنها لحلم جديد  :"صورة مع والده يشاهدها الجميع على مواقع التواصل يعبر فيها (بابا ) الميت الحي عن اعتزازه ب (أحمد ).

حلم وأي حلم لو أنه وجد قلبا ينبض بالدم ولكن  قلوب بعض الرجال في بلاد السيبة تنبض بالرياء فقط.