الفيس بوك وذئاب الإيقاع بالمراهقات

أحد, 11/10/2020 - 12:38

ظاهرة خطيرة انتشرت فى مجتمعاتنا البسيطة خلال الأشهر الماضية، خاصة بالقرى والمناطق الريفية سواء فى الصعيد أو وجه بحرى، تتمثل فى اللعب بعقول الفتيات المراهقات فى الفئة العمرية بين 16 و18 عاما، والبطل الأول فى هذه الظاهرة هو السوشيال ميديا والتواصل الاجتماعى، الذى بات خطرا يهدد كيان الأسر البسيطة إذا ما تمت إساءة استغلاله.

القصة غالبا ما تعتمد على الفتيات المنغلقات اللاتى لا يخرجن من المنزل، ويتعرضن للنموذج القاسى فى التربية، حيث يتسلل "الفيس بوك" إلى هواتف هذه الفئة لتبدأ الكارثة من خلال شباب فى أواخر العشرينيات أو مطلع الثلاثينيات، محترفين فى الإيقاع بصغيرات السن، تحت مشاعر الحب المزيفة والكلمات التى لم تعتد الفتيات سماعها فى تلك السن الخطرة، لتنتهى القصة بلقاءات خارج حدود القرية لاستغلالها جسديا وماديا، وقد يتطور الأمر إلى الهرب أو الزواج العرفى أو الضغط على الأسرة من أجل المال.

هذه الوقائع ليست فى أفلام روائية قديمة، أو تحذيرات من باب "الاحتياط واجب"، بل حقائق واقعية، وأعرف أطرافا تعرضوا لها خلال الفترة الماضية، وقد تسببت في "خراب بيوتهم" وتفكيك أسرهم، نتيجة الاستخدام السلبى للسوشيال ميديا، وغياب التوعية السليمة بالتعامل معها، وافتقاد الكثير من الأسر للأنشطة الترفيهية والتثقيفية وحالة الانغلاق التى تفرضها بعض الأسر على بناتها ظنا أن هذا هو النموذج المثالى، دون المعرفة أن هناك من يعيش داخل بيته ويدخل غرفة نومه عبر الهاتف المحمول، ويصل إلى أدق التفاصيل والحكايات، وهذا بالطبع نذير خطر، يدعونا إلى ضرورة المراقبة الواعية للأبناء والبنات فى مرحلة المراهقة، خاصة أن هذه المرحلة تتشكل فيها الشخصية وتحتاج إلى تهذيب وترويض.

يجب على كل أسرة أن تحتضن أبنائها وبناتها وتقترب منهم بدرجة تجعلهم أكثر وعيا وقدرة على التعامل مع الواقع ومواجهة الظروف، وألا ينخدعوا خلف ما تقدمه السوشيال ميديا من صور مزيفة تحت أى مسمى، كما أن الانغلاق والقسوة فى التعامل مع هذه الفئات العمرية ليست حلا أو طريقا صحيحا للتربية، بل يجب أن تكون هناك مساحات من التفاهم والحوار بين المراهق وأسرته سواء كان ذكرا أو أنثى، ومعرفة احتياجاتهم وتطلعاتهم فى هذه الفترة، إلى جانب تخصيص وقت لهؤلاء الأبناء مهما كانت الظروف والتحديات، حتى لا نتركهم فريسة سهلة لكل ما يثار على وسائل التواصل الاجتماعى، قبل أن نستيقظ على كارثة تعصف بكيان الأسرة.

نقلا عن اليوم السابع

 

محمد أحمد طنطاوي