دعوة إلى التصالح مع الذات / باباه ولد محمد غالي

خميس, 08/08/2019 - 08:11

إننا لندرک روعة الجمال في الطبيعة إذا كانت النفس قريبة من مرح الطفولة ولعبها وهذيانها 

تبدو لك السماء على تلال أبي تلميت الوادعة بعد نهاية كل مطر أعظم مما هي كما لو كنت تنظر إليها من سماء أخرى لا من الأرض 

ففي تلك الربوع من وطني الحبيب (موريتانيا) يكون كل شيء جميلا فترى الخيمة المشدودة بأطنابها وكأنها قصرا مشيدا لأنها في سعة الوطن جماله لا في مساحتها هي

وتعرف لنور النهار عذوبة كعذوبة الماء على الظمإ 

ويظهر الليل وكأنه معرض جواهر أقيم للحور العين في السماء

أيام العطلة هي الأيام التي ينطلق فيها الإنسان الطبيعي المسجون داخل الإنسان ، فيرجع إلى دهره الأول دهر الخيام والتلال والبرك والجبال 

وإننا لندرك حرقة البعد عن هذه الأماكن فنعد الساعات أياما والأيام شهورا والشهور سنينا

ولكن وللأسف نجد من بيننا من ينسى أو يتناسى كل هذا الجمال وكل هذه الذكريات وينسلخ من هويته الإجتماعية والثقافية لأبسط الأسباب

فبعد ما كان الشناقطة على مر العصور لا يمكثون ببلدة إلا صاروا بها نجوما يهتدى بهم من تيه الجهل والضلال وكانوا شعاع علم ينيرون الدروب ويتشبع من ثقافتهم من قدموا إليهم ويتركون بصماتهم واضحة يراها الأجيال جيلا بعد جيل 

ففي بعض البلدان العربية فرض الشناقطة القدامى بقوة تشبثهم بثقافتهم، الزي النسائي الشنقيطي التقليدي ولا زال هو لباس النساء هناك إلى يومنا هذا 

فضلا عن المؤلفات والشروح والحواشي الشنقيطية التي أصبحت مقررات لكبريات الجامعات العربية كالزيتونة والأزهر وام درمان وغيرهم

بعد هذا كله أصبحنا اليوم لايقيم منا أحد مهما كان مستواه العلمي والثقافي في بلد من بلدان العالم إلا انسلخ من هويته الإجتماعية والثقافية وأعلن ولاءه المطلق واللا مشروط وصار يدافع دفاعا مستميتا عن التوجهات التي يتبناها البلد الذي يقيم فيه 

فترى مثلا الذي كان في العراق بعثيا والذي يعيش بمصر ناصريا والذي يقيم في السعودية وهابيا والذي يعيش في الغرب يتخلق بأخلاق الغرب وتعجبه الحضارة الغربية !

أنا هنا لست ضد أن يمشي المرء في مناكب الأرض وأن يبحث عن فرص خولتها له كفاءته وحرمه منها حظه في بلده ولكنني ضد أن ينسلخ المرء من هويته الثقافية والإجتماعية تحت أي ظرف من الظروف

أو أن يكون ولاهء حسب مصلحته الشخصية سواء تعلق الأمر بالمواطن المقيم بالخارج او المواطن المقيم بالداخل والذي يكون ولاءه السياسي لمرشح لا يعرف عن برنامجه الإنتخابي سوى أنه تعهد له بالتعيين إذا تحقق له النجاح

من جهة أخرى أليست وزارة الثقافة معنية بهذا الجانب؟

ولماذ لا تعطي أهمية أكبر للمحافظة على الثقافة القومية للبلد ؟

أليس استقدام العقول القافية الوطنية المهاجرة وانتشالها من التجاذبات الفكرية والإيدلوجية أهم بكثير من استقدام وليام يونس ومدحت شلَبي؟

إنني من هذا المنبر أو جه رسالة إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ألفت من خلالها انتباهه الكريم إلى الكفاءات الوطنية المهاجرة 

وبما أنه رئيس إجماع وطني أدعوه كذالك إلى جعل الدولة الموريتانية في عهده الميمون دولة إجماع كفاءة وطنية 

وبما أن فخامته كذالك تعهد لنا في أحد خطاباته الإنتخابية أنه لن يدع أحدا على قارعة الطريق فإن خطوة من هذا القبيل ستنتشل الكثير من الكفاءة العلمية الشابة المعرضة للضياع بإمكان الدولة الموريتانية الإستفادة منها خاصة في ظل مستقبل إقتصادي وطني مزدهر إنشاء الله تعالى 

وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يرزقنا الألفة والمحبة وأن ينحي عنا كل مامن شأنه الشقاق والإختلاف وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان والسلام عليكم ورحمة الله