من المفارقات الغريبة أن تظل طائفة من قومك مرتهنة وجدانا وحنينا ومحاكاة وتمثلا لحقبة زمنية محددة توغل كل يوم في ألإبتعاد عنها ،وتستحيل إعادة بنائها حتي ولوتمثيلا تلك الحقبة التي إمتازت بإحتدام صراع الإنسان والطبيعة صراع تؤازره عسرة العيش وشح مصادره وقلة أسباب الراحة ووفرة أسباب التعب والعياء ، فالرجل عموما يدفع باستمرارفاتورة رجوليته الباهظة في مجتمع غيب المرأة وأكتفى منها بالمتعة والخدمة المنزلية أوجعلها جسدا عاريا لشاعرية تلامس دوما حدود الحرمات ولربما تنتهكها بدون إستثناء يذكر ؛ شارك عناصر الزمن الجميل ــ فألا وتخيلا لا حقيقة وواقعا كلهم تقريباــ في الإرتواء من نهر الغزل الماجن أوعلى الأقل غرفوا منه غرفة وكذالك سولت لهم أنفسهم . الزمن الجميل إنتهى بانتهاء الدولة الراشدية لنعيش بعدها أزمنة تضاربت سمتها وقلت لحظاتها الجميلة هذعلى مستوى الأمة العظيمة ذات الرسالة السماوية الخالدة أما أمة المنكب البرزخي فمن الجور والتعسف ولربما الشماتة أن تصف ماضيها القريب بالزمن الجميل ،فهذ الزمن محفوف بالخوف وشح المصادر وسيادة قانون الصحراء الذي تبرر فيه المحافظة على الحياة كل الأخطاء وتطوع الدين والدم لإنتهاك القوي للضعيف وتحمي نُظمه البدائية زمرة السادة وأصحاب الصول والطول وتترك الضعيف يواجه مصيره خائفا تائها بين مطرقة قوي لا يرحم وطبيعة لاتطاق البقاء ،فيها يتطلب المعجزات فالخوارق المخيفة إحتكرتها جموع الأولياء والقوة من إختاص اصحابها ، زمن مارس فيه الأنسان ابشع أنواع الظلم والقهر على أخيه الإنسان ، زمن لم تتوقف لحظات عاره عند العبودية والسخرة وتبرير حق المتعة وتأكيد السيادة بل تجاوزتها إلى الهيمنة الفكرية والإستحواذ المادي والجسدي على الذين رمت بهم الأقدار في متاهاته المثيرة للشفقة في عالم بدأ ينعم بالرقي والتقدم وترسيخ قيم ألإنسانية المثلى ؛ أما عندنا فزمننا الجميل يفرض إلتحاف الأرض وأستظلال السماء والتمرغ في مطاعن الدواب والعزوف عن النظافة الجسدية والروحية فلقد يفتك الرجل بالرجل ليستولي علي زوجته أو إبنته أو ماله وقد يدعي الرجل ألإطلاع على الغيب ويستخدم الخوارق والكرامات ليَسْعد في أسرته ولو بشقاء مريديه وخدّامه وحينما تنفس المحيط طلعت علي شواطئه أمم تختلف شكلا ومضمونا عن أمة الأرض السائبة فبدؤوا بتنظيم مجالها وقهرها لتساق كالقطيع من أجل خدمة أوطانهم وراء البحاروتكالب الضيف المارد مع سيد الوبرالصلف فأنتهكت الحُرمات وصودرت الممتلكات ودنِس الشرف لندخل عمق الزمن الجميل الفظ الغليظ الجاثم على قلوب الضعفاء اللذين ظلوا خارج جماله رغم أنهم هم وقود بقائه وإستمراره فأي زمن جميل ترنو إليه أيها الجاهل بالجمال . إن أمة تتلذذ بقهر ضعفائها وتطوع معتقدها خدمة لذاتها وتعظم مستعمرها وتطعن في شرف مقاومتها وتبرر أخطاء سلفها تبرير الجاهلية العمياء لجديرة بأن تخجل من كل أزمنتها وتستميت من أجل صناعة زمنها الجميل فعلا حتى يتسنى لها رفع الحرج وتجاوز العُقد وتضميد الجراح لعلها تنسى أزمنة الخوف والخرف والقرف فكل زمن لا تتمتع فيه الأغلبية الصامة الصابرة الصامدة بحقها الطبيعي في صناعة قرارها سيظل ، مجرد نكاية للجراح النازفة وذرٍ للرماد في عيون من أمعنوا النظرفي الصورة المفبركة لزمنهم القبيح والحزين