عالي ولد أعليوت : لا توجد أزمة سياسية فالظاهر أن البلاد سائرة على طريق الإصلاح .. مقابلة

ثلاثاء, 25/08/2020 - 18:15

الزهرة أنفو : في اطار التحقيقات والمقابلات التي يجريها موقع الزهرة أنفو من أجل انارة الرأئ العام وتسليط الضوء علي أهم القضايا الوطنية ذات الصلة بالهم العام اجرينا مقابلة مع الاطار والمراقب للشأن العام والمهتم بالتنمية الشاب عالي ولد اعليوت

االزهرة أنفو : كيف تقيمون السنة الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ؟

عالي ولد أعليوت : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الوجود الشاهد المشهود و على آله وصحبه ومن تبعهم إسلاما و إيمانا و إحسانا إلى يوم الدين.                       

     يطيب لي في البداية أن أشكر موقعكم المحترم على إتاحة هذه الفرصة الثمينة للحديث عن بعض المواضيع المهمة، والتي أرى أنه من واجبنا كنخبة تسليط الضوء عليها لإنارة الرأي العام حولها.    

      أما فيما يخص سؤالكم الأول، أعتقد أن السنة الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كانت إيجابيةً، رغم التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، ورغم أن سنة تعتبر فترة قصيرة في عمر الدولة، وعلى الرغم من كل ما واجهته الدولة من مشاكل في هذه الفترة فإن النظام استطاع تقديم الكثير من الإنجازات الصامتة تركت أثرا إيجابيا مستداما على حياة المجتمع وعلى حاضر و مستقبل الدولة الموريتانية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

ـ  تطبيع الوضع السياسي وإعادة تخليق الحياة العامة، مما أدى إلى خلق مناخ سياسي هادئ يعزز الإستقرار و الإنفتاح والتشارك، الشروط الأساسية للبناء.

ـ إعادة الثقة و الإعتبار للمؤسسات الدستورية، واحترام مبدأ فصل السلطات، الشيئ الذي مكن مؤسسة  البرلمان من القيام بدورها الرقابي من خلال تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لأول مرة في تاريخ الدولة الموريتانية للتحقيق في ملفات كثيرة يشتبه في نزاهتها، وسيكون لذلك لا محالة انعكاسات إيجابية على حماية ثروة البلد من سوء التسيير مستقبلا.

ـ إعادة الحياة الطبيعية للمؤسسات و الوزارات ومنحها الصلاحيات المطلوبة، الشيئ الذي سيسهل على المواطن الولوج إلى الخدمة العمومية.

ـ  تفعيل دور الهيئات الرقابية في الجهاز التنفيذي و إطلاع الرأي العام بشفافية على عمل تلك الهيئات، و خير دليل على ذلك هو نشر تقارير محكمة الحسابات، وغني عن التوضيح أنها خطوة فعالة لمحاربة الفساد.

ـ  محاولة لا بأس بها من حيث التصور لمحاربة الفقر و الغبن و التهميش من خلال إطلاق حزمة من المشاريع الإجتماعية، و التي سيكون لها لا محالة أثر إيجابي على حياة المواطنين. 

بيد أنني رغم ما ذكرت من إيجابيات في نظام السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لا يمكنني إلا أن أسجل تحفظي على بعض جوانب سياسة الرجل التي تحتاج في نظري إلى إصلاح بالنسبة لبعضها و توضيح بالنسبة للبعض الآخر :

ـ  عدم وضع معالم واضحة للنظام السياسي أغلبية و معارضة، فغياب دور المعارضة خطير على المصلحة العامة للبلد، نظرا لأهمية ما تقدمه من نقد بناء للنواقص والإختلالات في تسيير الشأن العام.

كما أن غياب المعارضة المؤسسية، قد يفتح الباب أمام ظهور معارضات ذات طابع عرقي أو إيديولوجي كانت الأحزاب السياسية تحتضنها.

ـ  عدم الحسم في مواجهة النخب السياسية والقبلية و العرقية المتلونة التي اعتادت التربح من الفساد على حساب مصالح الشعب الذي يعلق آمالا كبيرة على تعهدات الرئيس الانتخابية، خصوصا أن الشعب اليوم يدفعه وعي متنامي يصعب معه مواصلة السياسات التنويمية.

ـ  كما أنه هناك من يقول إن التحقيق البرلماني كان انتقائيا، و مهما تكن صحة هذا القول من عدمها، فإننا نطالب بتوضيح حول الموضوع، و من طرف البرلمان خصوصا، كما نطالب بتطبيق العدالة دون تمييز {إن الله يأمر بالعدل و الإحسان} صدق الله العظيم.

 

الزهرة أنفو : ما هو رأيكم في لجنة التحقيق البرلمانية و مسار عملها حتى الآن ؟

عالي ولد أعليوت :  أثمن عاليا جو الحرية واحترام مبدأ فصل السلطات الذي سمح للبرلمان بالقيام بدوره الرقابي من خلال تشكيل لجنة تحقيق برلمانية و لأول مرة في تاريخ البلد، و أثمن كذلك العمل الجيد الذي أنجزته هذه اللجنة، والذي تمت إحالته إلى العدالة، و كلي أمل أن العدالة الموريتانية ستقوم بما يلزم بكل حرية و نزاهة. 

الزهرة أنفو :   تعاني ولاية آدرار من أزمة عطش حادة نتجت عنها أضرار بالغة في الواحات، كيف تنظرون إلى دور منتخبي الولاية بخصوص هذه الأزمة ؟

عالي ولد أعليوت : ليس لدي من المعلومات حول دور منتخبي ولاية آدرار ما يخولني الحكم عليهم بخصوص أزمة العطش الراهنة، و مما لا شك فيه أن الولاية تعاني من أزمة عطش حادة نظرا لقلة التساقطات المطرية في السنوات الأخيرة، وكان من النتائج السلبية لذلك انخفاض منسوب المياه الجوفية و ملوحتها، هذا بالإضافة للإستغلال المفرط للمياه و خصوصا من طرف مستخدمي الطاقات الشمسية.

و أقرب دليل و أصدقه على ما ذكرناه هو كارثة العطش التي حلت بواحة امحيرث الجميلة والتي لم تجد حلا حتى الآن رغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حولها و رغم المساعي المكثفة لحلحلتها.

ليس النخيل وحده المتضرر، فالثروة الحيوانية هي الأخرى نالت نصيبها الوافر من تأثير الجفاف، حيث سجل الكثير من نفوق الحيونات في جميع أنحاء الولاية.

كما أنه من النتائج السلبية البديهية للجفاف عدم وجود الزراعة في الأودية ولكراير، ولك أن تتصور ما لذلك من تأثير سلبي على الأمن الغذائي، خصوصا في الوسط الريفي.

 كان على المنتخبين القيام بإعداد استراتيجيات تنموية شاملة، واستجلاب التمويلات الكافية لتنفيذها، ولو كان الأمر كذلك، لما كانت ثروتنا زراعية و حيوانية مهددة اليوم بالزوال، إذا لم نقل بزوال أهلها، لأن الفقر والمجاعة ما بعدهما إلا الزوال.

إسمحولي إخوتي الأكارم أن أوجه صرخة استغاثة من خلال منبركم هذا إلى الدولة والمنتخبين والشركاء في التنمية و جميع الخيرين داخل الوطن وخارجه لإنقاذ واحة أمحيرث التي تعتبر في وضعية كارثية، وتلافي ما أمكن من الثروة الحيوانية و الزراعية في ولاية آدرار، وذلك عن طريق إقامة السدود و توفير الأعلاف و إنشاء المشاريع المدرة للدخل لتشجيع المواطنين على البقاء في الريف، وتوفير المياه الصالحة والكافية لشرب الإنسان والحيوان وفك العزلة، وتوفير خدمتي التعليم و الصحة.

ولا يفوتني هنا أن أذكر أن طريق أطار تجكجة أصبحت إسم بلا مسمى، جراء زحف الرمال عليها، حيث غطت أجراء كثيرة منها، نظرا لغياب الصيانة، وعدم وجود سياسة وقائية لمكافحة زحف الرمال كالتشجير مثلا.

 

الزهرة أنفو : وسط الظروف السياسية التي يعيشها البلد انسحبت شخصيات من الحزب الحاكم و أعلنت دعمها للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، كيف ينظر ساكنة معدن العرفان خصوصا إلى موقف الوزير السابق محمد ولد جبريل ؟

عالي ولد أعليوت :  يتميز أهل معدن العرفان بخصوصية روحية تجعلهم في منأى عن التجاذبات السياسية، فهم مقبلون دائما على الله بتعمير الوقت بالعبادة والعمل الصالح لنفع العباد وتعمير البلاد، هذه هي تربية الشيخ محمد الأمين ولد سيدنا وهذا هو نهجه وديدنه، وأصحاب الشيخ في معدن العرفان متمسكون بهذا النهج القويم لا يتخلفون عنه.

وأما موقفهم من السياسة فلا يتجاوز القيام بالواجب بدعم سياسة و توجهات وتوجيهات أولي الأمر ما دامت لا تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف اقتداء بنهج شيخهم و تطبيقا لوصاياه وامتثالا لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم} صدق الله العظيم.

و نؤكد لكم و للرأي العام من خلال منبركم الموقر أن أصحاب الشيخ في معدن العرفان دعموا الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني عند ترشحه دون تخلف شاذ ولا فاذ، ولا يزالون اليوم يتمسكون بنفس الموقف.

وفيما يتعلق بالموقف السياسي الأخير للأخ الوزير السابق محمد ولد جبريل فهو موقف وقرار شخصي نحترمه له.

 

الزهرة أنفو : كنت عضوا فاعلا في مبادرة صندوق أوجفت للتخفيف من آثار جائحة كورونا على الأهالي، ما هو تقييمك لهذه المبادرة و ما هي الآفاق التي يمكن أن تفتحها هذه المبادرة للعمل التنموي المشترك بين أبناء المقاطعة مستقبلا ؟

عالي ولد أعليوت :  لقد من علي الله نحمده ونشكره بالتوفيق للمشاركة في خدمة المحتاجين في المقاطعة من خلال هذه المبادرة الإنسانية الموفقة، و التي شكلت فرصة نادرة لتوحيد جهود أبناء المقاطعة و انصهارها في بوتقة واحدة خدمة للمصلحة العامة، حيث شارك الكل أطرا ومنتخبين و رجال أعمال و عمال بسطاء في هذا العمل الخيري الجبار بسخاء و صدق و إخلاص، جعله الله عملا مبرورا و سعيا مشكورا و أصلح لنا ولهم الدنيا والأخرى.

بلغ المبلغ المتحصل عليه أربعة و ثلاثون مليون أوقية قديمة، استفاد منها ما يقارب ألفا وسبع مائة محتاجا في المقاطعة، بمعدل عشرين ألفا أوقية للأسرة، ولاقت هذه المبادرة استحسان وتثمين الجميع، وقد تمت بنجاح في جميع مراحلها تحصيلا و توزيعا، مخلفة وراءها بسمة أمل مرسومة على محيا كل مستفيد، وفرحة الإتحاد ينبض بها قلب كل ذي ضمير من أبناء المقاطعة، وستبقى ذكراها الجميلة محفورة في ذاكرة المجتمع يستأنس بها كل من سيفكر مستقبلا في القيام بعمل خيري في المقاطعة.

ولا يفوتني هنا أن أشكر كل من شارك في هذا العمل الخيري الجدير بالتنويه، وأخص بالذكر رئيس المبادرة الرجل الفاضل العقيد سيدي محمد ولد فايده، الذي أتشرف بالعمل معه طيلة فترة هذه المبادرة، و الذي أشهد له بالصدق وطيب السريرة و دماثة الأخلاق و الإخلاص في العمل جعل الله ذلك في ميزان حسناته.

 

 الزهرة أنفو : باختصار، إلى أين تتجه البلاد في ظل الأزمة السياسية الراهنة وتوقيف الرئيس السابق و مساءلة بعض الشخصيات الوازنة ؟

 عالي ولد أعليوت :  لا توجد أزمة سياسية على ما أعتقد، فالظاهر من الأمر أن البلاد سائرة بتدرج على طريق الإصلاح : برلمان يمارس عمله الرقابي بحرية، وعدالة تعمل باستقلالية، والكل يحصل في ظل سلطة تنفيذية تؤمن بالقانون و تحترم مبدأ فصل السلطات، كما أعتقد أن هذا هو الطريق الصحيح لمحاربة الفساد و بناء دولة القانون.

أما فيما يخص مساءلة بعض المسؤولين بخصوص شبهات فساد وقعت خلال فترة تسييرهم  لتقديم التوضيحات اللازمة حول كيفية استخدام صلاحياتهم وتصريف واجباتهم و الدفاع عن أنفسهم، أعتقد أنه نتيجة حتمية لما ذكرناه آنفا، والمساءلة لا تحتمل الإدانة إلا بقدر ما تحتمل التبرئة.