(ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون).صدق الله العظيم
مؤلم تلقي خبر الناعي ايا كان الميت ومؤلم بحد لا يوصف اذا تعلق الامربعلاقة للمنعي بالسامع
تتفاوت ردات الفعل حسب فؤاد المتلقي من صابر الى محتسب الى مسلم الى صنف آخر وان كان لا يوجد في مثل هذه الحالة اجدى من التسليم بقضاء الله واستدراك انا له وانا كل اليه راجعون.
كعادتي ابكي اولا لكل فاجعة
اتلقى خبرها ويمن علي الله بالتسليم بقضاءه في وقت وجيز فاعود الى يقيني بحتمية الرحيل واستحضر بعد مس الشيطان تأكيد القرآن الكريم على هذه الحتمية بقوله تعالي مخاطبا خير خلق الله “انك ميت وانهم ميتون “وقوله “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الخلال والاكرام “.
حالة مغايرة انتابتني هذا الصباح وانا اتلقى نبأ تغيير الدكتور الشيخ المختار ولد حرمة ولد بابانا لعنوان اقامته من مراكش بدار الدنيا الى فردوس بجنة عرضها السماوات والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله.
شعرت بفرح لا يوصف لم اعهده كما لا يمكن ان يعهده الاسوياء في مثل هذه الحالة وانا اتلقى الخبر لكن سرعان ما تحولت استجابة جسمي للخبر من تعبير فيسيولوجي الى تعبير عضوي تمثل في الاصابة باسهال شديد مرده لقوة الصدمة .
رحلت من الدنيا لتسكن الاخرى ولتحجز مقعد صدق عند مليك مقتدر خفته في السر وآمنت بالصيرورة اليه فعبدت الطريق وجعلتها سالكنة بايمانك القوي وبتبتلك وباستعدادك ليوم الرحيل.
التقيت الدكتور الشيخ المختار رحمه الله تعالي وتقبله في عليين لاول مرة في صيف ١٩٩٤ بمراكش بمصحته الواقعة يومها بحي “جيليز” أرقي احياء المدينة الحمراء .
بابتسامة معهودة لديه جديدة على مثلي من الطلاب استقبلني الدكتور في تواضع لامبرر له غير اخلاقه الجمعة وقربه من نبع الداعي الى احسن الاخلاق والافعال محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة وازكى التسليم المعهودة .والا من اكون انا حتى احظى بمقابلة اكبر متخصص يرتداده الجميع لفك طلاسم اشعة عجز عنها الكثيرون فحجز مقعده في قلبي من ساعتها.
دخل احد العاملين بالمصحة عرفت اسمه فيما بعد واظنه “جواد” بمشروب بارد ووضعه امامي ورغم الحر الشديد الذي كنت اعانيه وانا القادم للتو من رحلة طويلة عبر القطار دفعتني المجاملة الى تقديم الكأس للدكتور ليعتذر في هدوءه المعهود بانه صائم وكان اليوم يوم اثنين وقبل ان اغادر المكان اصبح الدكتور ومن اول يوم اقرب الناس ايضاالى جيبي حيث با درني بظرف محشو ومغلق لا اتذكر اني استلمت في حياتي مثله ولما فتحته اذا به ١٠٠٠٠ درهم اي ما يعادل منحتي قرابة السنتين.
ومرت السنون وكنت اتردد على مراكش باستمرار وكانت يده الحانية تخفف الم الغربة وتعين على نوائب التحصيل وبانتهاء الدراسة عدت الى موريتانيا وحظيت بعطفه الجم ورعايته الابوية الكريمة احيانا والاخوية احيانا حتى انني لا استطيع تخمين حجم اعطياته حيث اعطاني واعطاني واعطاني اعطاني بالدرهم واعطاني بالاوقية واعطاني بالدولار واعطاني باليورو كما وقف بجانبي في عويص المعضلات .
واليوم وقد رحل الدكتور لا املك غير التسليم بقضاء الله والضراعة الى المولى عز وجل ان يجعله من الذين سبقت لهم من الله الحسنى وان يتقبله في عليين وان يخفف عنا وعن اسرته الماجدة رزء فقده بما تطمئن اليه قلوبنا من ايمانه بربه القائل في محكم التزيل “فمن يومن بربه فلا يخاف بخسا ولارهقا”.
واذا كان لي من شهادة حق ادين بها لله في حق الدكتور الشيخ المختار ولد حرمة ولد بابانا فاشهد الله انه كان من الذين لا يريدون علوا في الارض ولا فساد .
اللهم ارحمه برحمتك التي وسعت كل شيئ انك على ما تشاء قدير.ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم