تسارعت التطورات في الجزائر على نحو كبير خلال الساعات القليلة الماضية، قبل أن تتمخض في غضون أقل من 48 ساعة عن استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد عقدين في سدة الحكم.
وبدت استقالة الرئيس الجزائري، الثلاثاء، نتيجة حتمية “للشد والجذب”، الذي ظهر بعضه للعلن، بين مؤسسة الرئاسة، والمؤسسة العسكرية في البلاد بقيادة رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح.
وجاءت استقالة بوتفليقة بعد ساعات قليلة جدا من تصريحات أطلقها رئيس أركان الجيش الجزائري، قال فيها بلغة حاسمة إنه “لا مجال للمزيد من تضييع الوقت”.
وشدد صالح على وجوب “التطبيق الفوري للحل الدستوري وتفعيل المواد السابعة والثامنة و102″، قائلا: “قرارنا واضح ولا رجعة فيه”.
ولم يكتف صالح بذلك، بل وصف بعض المقربين من الطبقة السياسية الحاكمة بأنها “عصابة كونت ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، من دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة”.
وترددت أصداء كلام صالح في أروقة المؤسس الرئاسية سريعا، إذ لم تمض سويعات حتى ظهر بوتفليقة باللباس الجزائري التقليدي على التلفزيون الجزائري وهو يقدم استقالته إلى رئيس المجلس الدستوري.
وعرض التلفزيون الجزائري، بوتفليقة وهو يتوسط رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، ورئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، الذي سيتولى شؤون البلاد لمدة 90 يوما إلى حين إجراء انتخابات، بحسب الدستور.
وكان من اللافت تأكيد رسالة استقالة بوتفليقة على أن قراره جاء “حرصا على تفادي ودرء المهاترات اللفظية التي تشوب الوضع الراهن”، في إشارة لا تخلو من حالة “الشد والجذب” بين الجيش والرئاسة.
وعلى وقع هذه الأحداث المتسارعة، كانت لا تزال تتردد في الخلفية أصداء بيان بوتفليقة، الاثنين الماضي، الذي وعد فيه بأنه سيستقيل قبل انتهاء فترته الرئاسية يوم 28 أبريل.
إلا أن هذا الخطوة اعتبرها الشارع الجزائري “مناورة” لا تلبي مطالبه برحيل كل الوجوه السياسية الحالية، وهو ما دفع رئيس أركان الجيش للخروج عن صمته من جديد والتحذير من هذا المسعى.
وبإعلان الرئيس بوتفليقة استقالته من الرئاسة، يكون الشارع الجزائري قد خطى خطوة كبيرة باتجاه تحقيق مطالبه، في وقت لم يبلور الحراك بعد قيادة تتصدى لمرحلة الانتقال السياسي المقبلة.
أما المعارضة الجزائرية التقليدية ممثلة في الأحزاب، فلا تزال مشغولة بانقساماتها الداخلية في ظل مخاض تشوبه الفوضى قبل أن يخمد من جديد.