![](https://ezahra.info/sites/default/files/8_5.jpg)
الطلاق من القرارات الصعبة التي تؤثر على مجرى الحياة ، وقد يتخذه البعض في عجلة دون تفكير فيحصد آثارا مؤلمة ، لذلك يجب على كل زوجين التفكير مرارًا وتكرارًا ، قبل تنفيذ هذا القرار الذي وصفه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم بأنه "أبغض الحلال إلى الله" .
ولنبدأ بسرد أحداث قصتنا اليوم :
عاد الزوج من العمل ، وكان في نيته أن يخبر زوجته بقرار مصيري قد اتخذه ، فوجد زوجته تعد له الطعام ، فانتظرها حتى تنتهي ، وجلس معها على طاولة الطعام ، وبينما هي تنظر له وهى سعيدة بعودته من العمل ، شعر بالخجل مما يريد أن يخبرها به.
انتهى الزوجان من تناول الطعام .
ذهبت الزوجة لإحضار بعض الفواكه والحلوى التي كانت قد أعدتها لزوجها وقدمته له ، وبينما كان يتذوق الحلوى اللذيذة ويستمتع بطعمها ، كان يفكر في الوسيلة التي سيخبر بها زوجته بذلك القرار ، وبعد أن انتهى من تناول الحلوى ,شعر بانشغال زوجته فقرر أن يؤجل القرار حتى المساء . ذهب الزوج للنوم قليلا ، وعندما استيقظ وجد زوجته تغسل الملابس ، وتنظف المنزل ، وهى مازالت منهمكة في أعمال المنزل فليس لديها مَن يخدمها سوى نفسها، فأحس الزوج بأنه لا مزيد من التأجيل ، وعليه أن يخبر زوجته فطلب منها أن تستمع اليه قليلا ، تركت الزوجة ما تقوم به من أعمال ، وجلست مع زوجها ، وهى تنظر إليه مبتسمة ظنًا منها أنه سوف يخبرها خبرًا سارا ، أو أنه قد أعد لها مفاجأة بسبب اقتراب موعد العيد.
الصدمة :
أخبرها الزوج أنه يريد الطلاق ، ولن يستطيع أن يكمل الحياة معها ، وأن قلبه وعقله أصبحا ملكًا لسيدة أخري ، فاندهشت الزوجة من كلام زوجها ، وشعرت أنها مُقدمة لمزحة أو مفاجأة ، وظلت تنظر إليه في دهشة وألم ,وتقول في نفسها : وماذا بعد ، فلم تجد منه كلاما بعد الذي قاله ,سوى أنه قام ودخل غرفة النوم.
تبعتهُ الى الغرفة ، وقالت له : هل هذا حقيقي ؟ أم مزحة ؟ .فأخبرها بأن الأمر حقيقي ، وأنه كان يسعى لتنفيذه منذ عدة أيام ، ثم أخذ ورقة وقلما وبدأ في كتابة جزء من ممتلكاته لها ولطفلتيهما .
لم تنبس الزوجة بكلمة واحدة ، لكنها خرجت تبكي بكاء شديدًا ، ولم تصدق ما تسمعه ، وحلّ وقت العشاء وذهب الزوج إلى الفراش دون تناول العشاء ، وظلت الزوجة تبكي وحدها واستيقظ الزوج في الصباح ووجد زوجته نائمة على الأرض ، ومنهكة من كثرة البكاء والتعب .
أيقظ زوجته لكي تنام على السرير بالغرفة ، فاستيقظت وعيناها متعبتان من البكاء ، وطلبت من زوجها أن يؤجل تنفيذ الطلاق ، حتى تنهى طفلتيهما امتحان نهاية العام ، وحتى لا يتسبب ذلك القرار بحدوث اضطراب نفسي وفشل دراسي لهما ، سأل الزوج عن موعد انتهاء امتحان ابنتيه ، فوجد أنها فترة زمنية قصيرة يستطيع أن يحتملها وهى 7 أيام .
فترة سماح :
عاد الزوج من العمل ووجد زوجته قد تركت ورقة في الغرفة ، تخبره بأنها تريد أن يمكث معهم هذا الأسبوع الأخير ، حتى يُشعر الطفلتين بمشاعر الأبوة ، التي بالتأكيد ستنعكس على الأداء الدراسي لهما ، فوافق الزوج وأخبر السيدة الأخرى أنه سوف يتأخر عن لقائها لمدة أسبوع ، وهذا هو الأسبوع الأخير قبل تنفيذ الطلاق ، حتى تنتهى الطفلتان من الامتحانات المدرسية .
طلب الأب إجازة من العمل لمدة أسبوع ، ومكث خلالها بالمنزل ، وفي اليوم التالي استيقظ فجرًا ، ولم يجد زوجته بجانبه ،فخرج فوجدها تقوم بأعمال التنظيف : فقال لها : ماذا تصنعين ؟
فقالت له : لقد أعتدت بعد ذهابكم للنوم أن أقوم بأعمال المنزل ؟ حتى تراه جميلًا في الصباح .
فسألها : ومتى تخلدين إلى النوم ؟ عندما أستيقظ صباحًا أجدك مستيقظة تقومين بتجهيز وجبة الإفطار .
فقالت : موعد نومي عادة قبل الفجر بساعة أو ساعتين وحتى الصباح .
وبالرغم من انها ساعات قليلة لكنها تكفيني ، لأجد كل شيء معد ومرتب من أجلكم ومن جل راحتكم.
خجل الزوج وبدأ يفكر ، كيف لا يعلم طوال هذه الأعوام ، أن زوجته لا تنام فترة زمنية كافية ، وبالرغم من ذلك لا تشكو أو تطلب منه أن يساعدها بشيء .
دخل الزوج للنوم ، وعند الاستيقاظ ، وجد زوجته مستيقظة تقوم بكي الملابس ، فنظر لها وتأملها وهى منحنية على المنضدة ، لكي تجهز الملابس له ولبناته .
قال في نفسه : كيف لم يدر في ذهني من يقوم بكي الملابس يوميًا ، وكيف كنت أرتديها كعادتي دون تفكير ، وبدأ الزوج يتأمل في تصرفات زوجته خلال هذا الأسبوع ، ويتأمل جسدها المتهالك والمنهك في مهام المنزل ، ومع طفلتيه وعندها شعر بالخجل .
هناك أمور عديدة لم تكن تدخل ضمن تفكيره ، وبتأمله لها جعلته يدرك حجم الألم والإرهاق ، الذي تتعرض له زوجته من أجل إسعاده هو وأطفاله ، فدخل الزوج مسرعًا إلى غرفته ، وأغلق الباب ، ثم أخرج ألبوم صور زفافهم ، وبدأ يستعيد شكل زوجته قبل الزواج .
اكتشاف المرض :
وبينما كان يتصفح تلك الصور وجد أوراقا لتحاليل طبية ، فبدأ بقراءة محتواها ، حيث فوجئ بأنه يحتوى على تحويل طبي لزوجته لمستشفى الأورام ، لوجود ورم في الثدي ، وكانت زوجته قد أخفته داخل البوم الصور ، لأنها تعلم أنه المكان الوحيد الذي لن يتطرق زوجها إليه ، عندها امتلأت عيونه بالدموع ، وخرج إلى زوجته وأخبرها بأنه علم بمرضها .
شعرت الزوجة بتعاطف الزوج معها ، وأخبرته بأنها لا تريد منه تعاطفا ولا شفقة ، لكن الزوج أكمل الحديث معها وأخبرها أنه منذ أيام يتأمل تضحيتها من أجله وأجل بناته ، مما جعله يشعر بالخجل من قرار الطلاق ، ثم ترك لزوجته الحرية في اختيار قرارها ، إما عودة الحياة الزوجية الى سابق عهدها ، وإما إنهاء الزواج .
نهاية سعيدة :
في هذا الوقت عادت الطفلتان من المدرسة ، فوجدتا الأب والأم معا فركضتا فرحًا ، فهما لم تشاهد والديهما معا منذ سنوات ، وفي تلك اللحظة ، أدركت الزوجة ما هو القرار الذي يجب أن تتخذه