في المساء ، عادة ما تبدا بتوجيه اسئلتها لابنائها وبناتها ماذا تفضلون على الافطار غدا ..؟
لا احد يجيبها منهم من هو منشغل بهاتفه ومنهم من يتابع التلفاز وهي التي تنتظر اجابة لسؤال يتكرر يوميا خلال شهر رمضان المبارك لكن لا اجابات فتكتفي بما تفكر هي به لاعداد الطعام.
في الصباح تخرج لعملها ثم تعود وهي متعبة من قلة النوم والارهاق الجسدي . لكن لا فرصة للراحة ولو لدقائق ....
تبدا جولتها الاعتيادية على اولادها وبناتها جميعهم مستغرقون بالنوم فتبدا باعداد الطعام، الذي كان من اختيارها ما داموا لم يقدموا أية اقتراحات رمضانية ؟.
تنهي اعداد الطعام قبيل المغرب بساعة فتبادر بافاقة ابنائها وتتحمل مشاجراتهم غير المبررة قبل الافطار الصغير يتشابه مع الكبير بتلك اللحظات لكنها ليست قلقة على مشاجراتهم بقدر قلقلها من توتر زوجها وغضبه فهو ياتي اخر فردبحكم عمله ويكون محملا بقدر كبير من التوتر والغضب ولن يتحمل مشاجراتهم التي لطالما نبههم منها قبل موعد الافطار ...
تحاول ان تسيطر على الموقف بالحديث عن اي موضوع لحين آذان المغرب وتمر هذه اللحظات. يبداون بتناول الطعام منهم من لا يعجبه ويبدي استياءه بوضوح والاخرون لا يعبرون مما يعني انهم مستاءين لكنهم احترموا جهدها وتعبها واكتفوا بالصمت ..
الا الصغير منهم الذي قال : ماما لا اريد طعاماً سوى ما اعتدنا عليه لا طعام غربياً برمضان . ويبدو ان بكلامه هذا قد نقل افكار الجميع . فاجابت هي: سيبقى قرار نوع الطعام قراري طالما لا تتقدمون بافكار.
نظروا الى بعضهم البعض وانطلقت الاقتراحات التي لا تخرج عن اطار المالوف وطعام يطبخ على مدار العام. ارادت لهم شيئا من التغيير والخروج عن الروتين اليومي ، الطعام الذي يستمر على مدار العام ولكن يبدو لها ان الابتعاد عن الروتين لا يناسب الرجال الشرقيين الذين لا يكتفون سوى بوجبات مشبعة بالدسامة.
تنتهي فترة الافطار وبعد عملية التنظيف التي استمرت لفترة من الوقت ارادت ان تحتسي قهوتها التي كانت باردة فطلبت من احد ابنائها تسخينها من جديد لكنها استمرت بمناداته واستمر هو بالاجابة : خمس دقائق وآتي انتظري ....
والخمس دقائق استمرت لساعة وهي لا تقوى على الوصول للمطبخ لتسخين قهوتها فخلدت للنوم وهي تصحو على صوت ابنها القهوة جاهزة يا امي لكن اقترح ان تشربيها بعد اعداد السحور ؟
نظرت للساعة كيف صار وقت السحور ....؟
وكيف سيصير وقت الافطار .. ؟
ومتى بدأ شهر رمضان ومتى انتهى ..؟
تساؤلات عدة لا تنتهي لكن بشهر رمضان المبارك كل ما تحتاجه الام والمراة قليل من التقدير فهي ايضا صائمة ...
وهي ايضا متعبة ... وهي ايضا اعتادت على تناول القهوة صباحا
فلماذا نبالغ بتعبنا ومتطلباتنا وتناسى الاخرين ؟.
لماذا بشهر رمضان نحلل لانفسنا الغضب والتوتر ونطالب الاخرين بتحملنا ونتجاهلهم وكأن الصيام لنا وحدنا فقط ؟
هي الام وهي المرأة وهي التي تعمل خارج المنزل وتعود للعمل بداخله وتتحمل كماً كبيراً من التعب والارهاق الجسدي فلماذا بشهر رمضان نلقي بكامل المسؤولية على النساء فقط .... ؟
الرحمة خلال شهر رمضان تبدا من القلوب والشعور مع الاخرين كما نشعر بانفسنا العبادات ليست هي وحدها من تقربنا الله سبحانه وتعالى فالرحمة بالاخرين والبر بهم تقودنا ايضا الى عبادات روحانية نحتاجها ....
ايتها المراة والام لا تبالغي كثيرا بالعطاء فانت ايضا تستحقين الراحة والتقدير من الاخرين ومن لم يبادر بتقديم القهوة لك بعد الافطار تقديرا لتعبك خلال اليوم فانت ايضا لا تبادري وتبالغي بتوفير سبل الراحة اليه.
العطاء المتبادل وتقدير تعب الاخرين وخاصة «النساء» يبدد الكثير ويزرع بالقلوب واحة من الحب والرغبة بالعطاء المتزايد ولو كانت بفنجان قهوة ..