وغادر الرئيس

خميس, 01/08/2019 - 21:43

شكل الثالث من أغشت 2005 لحظة تحول بالغة الأهمية فى مسار العملية السياسية بموريتانيا، وبوابة عبور لرجل المؤسسة العسكرية القوى محمد ولد عبد العزيز، نحو مراكز صنع القرار، منهيا مع رفاقه مسيرة العقيد معاوية ولد الطايع فى الحكم، بعد عشرين سنة من تسيير البلد، رئيسا بالانقلاب، ومجددا لنفسه فى أكثر من انتخاب..

ولم تثر لحظة الإطاحة بالرئيس المنتخب العقيد معاوية ولد الطايع الكثير من الجدل داخل الساحة المحلية، بفعل تشوف النخبة السياسية المعارضة لأي إجراء يعيد للساحة السياسية بعض الأمل، وينهى الحصار الذى خضع له رموز المعارضة فى الداخل والخارج، بعدما تحولت الانتخابات إلى ماراتون لتزكية الرئيس، والمحاولات الانقلابية إلى مقصلة لمناوئيه داخل الأمن والجيش.

غير أن طموح العسكرى الممسك بأبرز الكتائب العسكرية داخل الجيش كان أبعد من لحظة تنفيس عابرة عن الفعل السياسى بموريتانيا، وانقلابه كان أكثر من تهيئة مدروسة ومتوافق عليها للساحة من أجل تسليمها أو تسلمها من قبل زعماء المعارضة أو الطامحين من معسكر الرئيس المطاح به.

لقد ظهر من خلال الترتيبات المتسارعة للمرحلة الانتقالية 2005-2007  وطموح الضباط والوزراء الممسكين بتسيير المؤسسة التنفيذية والتشريعية، أن الفرق جد شاسع بين يخطط لاستثمار مرحلة انتقالية عابرة من أجل تعزيز مركزه داخل محيطه الإجتماعى، و تأمين مستقبل أفضل لأبنائه، وبين من يخطط لإحكام السيطرة على البلد، وفرض أجندته بشكل هادئ،عبر نسجه للتحالفات السياسية المطلوبة، وتعزيز قبضته بشكل تدريجى على المؤسسة العسكرية، أبرز مؤسسة منظمة ومنسجمة بموريتانيا.

كانت فترة التربص خارج الحكم محدودة، فالرجل الذى خطط للحكم من خلف الستار لمأمورية واحدة، عجلت أحلام حليفه الجديد الرئيس المنتخب سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله بتوليه زمام الأمور بشكل مباشر، منهيا أحلام الرجل فى الظهور بمظهر الواثق من نفسه، القادر على اتخاذ القرارات الصعبة، مهما كان ضحاياه أو العلاقة بالمستهدفين.

الإطلالة الثانية للجنرال محمد ولد عبد العزيز كانت مفاجئة وصادمة لعدد ممن ساندوه فى الانقلاب الأول أو تفهموا انقلابه على أقل تقدير، وردة الفعل كانت منظمة ومنسقة داخليا وخارجيا، وكان الزخم الإعلامي الذى صاحب انتخابات 2007 مصدر حماس لعدد من المؤمنين بمدنية الدولة، وقصة الانتخاب الحر، رغم ما شكلته النتائج من صدمة فى معسكر القوى الديمقراطية التقليدية، والجيل الشبابى الذى تابع كيف أجهض حلم التغيير بالضغط والابتزاز وتحالف الدولة العميقة وبعض المعارضين السابقين.

غير أن الرجل أستطاع تسيير المرحلة بشكل معقد، واستنزاف معارضيه طيلة سبعة أشهر من المواجهة المفتوحة فى الشارع وخلف الأبواب، وجرهم فى النهاية إلى انتخابات لايشارك فيها الرئيس المعزول ولا يحرم منها الضابط المنقلب عليه، انتخابات رئاسية  كان الغرور أبرز صديق للمعارضة فيها، لتنقشع معركة الثامن عشر من يوليو، وقد خسر مرشحوا المعارضة دفعة واحدة ما راهنوا عليه خلال شهرين من التحضير، لقد استبدلت أحلام التنسيق فى الجولة الثانية، بنقاش الموقف من النتائج فى الجولة الأولى، وكانت الباء الطائرة مخرجهم الوحيد.

انتخابات مهدت لعشرية كان فيها ولد عبد العزيز هو الممسك بزمام الأمور، يضبط إيقاع المرحلة مع ما يحلوا له، بينما تراوحت مواقف مناوئيه بين مساعى العزل عبر الشارع )دعوات الرحيل(، ومقاطعة الانتخابات الرئاسية  بدعوى التزوير،والعمل من أجل تشويه صورة الرجل فى الداخل والخارج، بعدما  بات مادة دسمة لمنتقديه فى وسائل الإعلام وداخل البرلمان وفى المجالس الخاصة لمناوئيه وبعض معاونيه.

خلال العشرية الأخيرة كانت للرئيس محمد ولد عبد العزيز مواقف يعرف منها وينكر، تناول الإعلام أغلبها بالنقد والتحليل، وغابت أخرى بفعل زحمة الأحداث والقلق من التصنيف فى مجتمع لا مجال فيه للموضوعية أو للحياد. المستهدف فيه بلا فضيلة، والمقرب فيه بلا أخطاء، وبين هذا وذاك تضيع الحقائق وتتمدد رقعة النقاط السود، ولكل معسكر نقاطه وزواياه التى ينظر منها لما يعتقد أنه الصواب أو على الأصح ما يريده أن يكون.

وبحكم الانشغال بالإعلام الإلكتروني منذ 2003 كانت مواكبة الواقع تفرض علينا نفسها باستمرار. مواكبة عايشنا خلالها مجمل التحولات التى عاشها سكان المنطقة، وخصوصا خلال العشرية الأخيرة، والقرارات التى أثرت فى مسار البلد بشكل مباشر أو غير مباشر، والتدافع الحاصل بين القوى السياسية الطامحة للتغيير أو المتشبثة بالاستمرار.

وقد أحببت أن أسجل بعض النقاط التى تحققت خلال العشرية الأخيرة، ونحن على مشارف نهاية المرحلة، معطيا الأولوية للجانب الإيجابي وما تحقق لصالح البلد من مكاسب إستراتيجية، وأهم القرارات التى أتخذ الرئيس المغادر عن قناعة أو تحت ضغط حراك معارضيه، دون أنسى نقاط ضعفه أو المواقف الصادمة لجمهور عريض من أبناء الشعب كان حلمه أكبر من مجرد إجراءات أو مكاسب محدودة.

وهذه أبرزها :

  1. التحكم فى القرار السيادى للدولة الموريتانية، وإعادة الثقة فى المنظومة التنفيذية الحاكمة، بعدما ظلت إرادة الشعب مسلوبة خلال العقود الأخيرة، تميل مع الكبار - إقليما ودوليا- أينما مالوا، تفاديا للحرج، وخوفا من أي إجراء من شأنه إغضاب الغرب أو الشرق. ولعل أبرز تجليات استقلال

 القرار خلال الفترة الماضية هو :

قطع العلاقات مع الكيان الصهوينى سنة 2009، وهدم مقره بنواكشوط، وهو قرار جريء وشجاع ومحل ارتياح من كل القوى السياسية بالبلد.

تفعيل الاعتراف بالصحراء الغربية، والتعامل مع المغرب والجزائر بمنطق المستقل، طردا للدبلوماسى الجزائرى، حينما حاول تجاوز الخطوط المتعارف عليها، ورفضا لسلوك المغرب بشكل واضح ومكشوف، والتعامل مع أصحاب القضية الصحراوية بمنطق المقتنع بقيمة الشراكة الإستراتيجية بين الدولة الموريتانية وأحزمة الأمن المحيطة بها، فى عالم بالغ التعقيد.

لقد كانت النخبة الموريتانية تنظر إلى الرئيس محمد ولد عبد العزيز عشية وصوله للسلطة كلعبة بيد المغرب أو رجلها الأساسى بموريتانيا، لكن أثبتت الأيام زيف تلك المقولة، وغادر ولد عبد العزيز السلطة ولم يزر الرباط أو طنجة، ولم يتساهل فى ملف "لقويره" ولم يفاوض على موقفه من الصحراء ومحاربة المخدرات والحضور فى جمهورية مالى، وقلص من قواها الناعمة بموريتانيا، دون أن ينجرف إلى مواجهة مفتوحة مع المخزن، أو يقبل بالتنازل فى بعض الملفات، رغم الحرب الكلامية والابتزاز الإقتصادى، ومحاولة استغلال ملفات سياسية داخلية من أجل قلب الطاولة عليه.

حماس وسوريا وإيران : ظل الرئيس محمد ولد عبد العزيز – رغم علاقاته بدول الخليج ومحور الثورة المضادة- متشبثا بعلاقاته الوطيدة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، وأبقى على السفير الموريتانى فى سوريا، ورفع العلاقة مع طهران إلى مستوى السفراء، رغم الحرب السعودية والإماراتية المعلنة ضد الثلاثى آنف الذكر، وهو مادفع بحركة المقاومة الإسلامية حماس إلى الإشادة به فى أكثر من موقف. أما سوريا فقد كان الموقف من استهدافها أبرز عناوين الأزمة بينه وبين القطريين بالتحديد.

التعامل بحزم مع الفرنسيين، رافضا الدخول فى مغامرة الأفارقة المدفوعين من فرنسا فى مالى، رغم كل الضغوط، بل إنه رفض فى بعض الأوقات استقبال الرئيس الفرنسى "فرانسوا أولاند" حينما قرر الأخير أن تكون بداية زيارته للمنطقة من دكار وختامها من نواكشوط، واتهمهم صراحة فى وسائل الإعلام بتقويض الأمن فى المنطقة، عبر تدخلهم غير المدروس فى ليبيا.

تأسيس قوة الساحل والصحراء، مع رفض الزج بها فى مواجهة مفتوحة مع القاعدة دون تفويض دولى من الأمم المتحدة، وتمويل من القوى الغربية التى تسببت فى إشعال المنطقة، قائلا إن القوى الغربية تحاول الدفع بالأفارقة إلى جحيم مالى من أجل التغطية على خسائر الفرنسيين، وتأمين حركة مواطنيها، ولكنها فى المقابل تضن بتغطية دولية للقوة العسكرية المشتركة، وترفض تحمل بعض أعباء المواجهة، وهو القرار الذى دفع بكل سفراء الدول الممثلة فى مجلس الأمن إلى زيارة الرئيس بمكتبه، بغية إقناعه بالعدول عن موقفه، ودفع الرئيس الفرنسى إلى التحريض عليه، باعتباره من يقف فى وجه نشر القوة العسكرية فى الساحل والصحراء، مع حملة تشهير فى الإعلام الغربى ضده، باعتباره حليفا للقاعدة أو متفهما لها،  بعدما عارض التدخل الفرنسى، ورفض الزج بقواته فى أتون الحرب بمالى

  1. بناء المؤسسة العسكرية والأمنية : وهو ملف يعتبر من أهم ماتحقق خلال العشرية الأخيرة، حيث أنتقل الجيش من كتائب مهلهلة، ووحدات تتخطفها أيدى العابثين إلى مؤسسة منظمة، ومجهزة بأحدث الأسلحة المستخدمة فى المنطقة، مع تكوين عالى لبعض الكتائب العسكرية والأمنية الخاصة التابعة للحرس الرئاسى والشرطة والحرس والدرك،استحداث قطاعات عسكرية وأمنية كان لها الدور الأكبر فى ضبط الحالة الأمنية بموريتانيا ومواجهة المخاطر الناجمة عن حركة القاعدة والتهريب، ومن أبرز تلك الأجهزة، جهاز أمن الطرق والقوات المتحركة التابعة للأركان العامة للجيوش،وقوة الساحل المتمركزة قرب أنبيكت لحواش، مع إعادة هيكلة الجيش، وإعادة انتشاره وفق ترتيب المخاطر المحتملة، فى الشرق والشمال والجنوب.

وقد ساهم الجيش فى امتصاص البطالة بشكل كبير، وشكلت قواعده العسكرية الجديدة نقطة تحول فى تعامل الدولة الموريتانية مع صحرائها الشاسعة، بعدما باتت الوحدات الخاصة سيدة الموقف فى صحراء "لمريه" وأخواتها، وتحولت قاعدة صلاح الدين إلى قاعدة استطلاع متقدمة للجيش الموريتانى، قادرة على تأمين الحدود من أي اختراق، ورصد الأهداف المعادية قبل اقترابها من نقاط التماس، والتعامل عسكريا مع المخاطر المحتملة، عبر توفير التغطية النارية اللازمة لأي قوة متحركة على الأرض، أو قصف الأهداف المشتبه فيها، بعدما كان نصف التراب الموريتانى خارج دائرة التأمين. ناهيك عن بناء علاقات وازنة فى مالى وجنوب الجزائر والصحراء الغربية، باتت اليوم أهم نقاط القوة فى المنظومة الأمنية للبلاد.

ضبط قطاع الصيد والاقتصاد البحرى بعد سنوات من الاستنزاف ، وعبث سفن الصيد الأوربية به، مع تأمين الشريط الرابط بين "لقويره" فى الشمال إلى "أنجاكو"، ولأكثر من عشر سنين،دون خرق يذكر أو خروج على ما تقرره الجهات الوصية عليه، مع سلسلة من الإجراءات الموجهة لصالح السكان وأبرزها :

1- إحصاء عمال الموانئ الموريتانية وتأمين كافة العاملين فيها

2- حصر صيد الرخويات على الموريتانيين وإبعاد كافة السفن الأجنبية التى كانت مختصة فى اصطياده

3- إلزام السفن الأوربية والموريتانية بإنزال ما تصطاده على الموانئ الموريتانية، لوضع حد للتلاعب بالثروة ومراقبة الكميات المصطادة والأنواع المسموح بها.

4- تخصيص كميات من المنتوج المصطاد لصالح سكان الداخل، حيث باتت لكل مجلس بلدى حصته الأسبوعية الثابتة منذ بضع سنين، رغم سوء تسيير الكميات الموجهة للداخل وآلية التوزيع المعتمدة من قبل العمد ومصالح القطاع المكلفة بالتوزيع.

5- بناء عدة موانئ موريتانية من أجل تعزيز النفاذ إلى الثروة البحرية، وتشجيع الإنتاج، وخلق فرص عمل للآلاف من أبناء البلد، وتنشيط الحركة التجارية بالمنطقة.

6- مع الرفع من قيمة الموارد الناجمة عن الاتفاقيات المبرمة مع الدول الأوربية وتحسين شروط التفاوض.

أما المنجزات الأخرى، فيعرف منها وينكر، وقد كان للصحة والزراعة نصيب الأسد من اهتمامات الرجل، صارما فى بعض ملفاته، خاضعا لقوانين "الأرض السائبة" فى بعضها، مانحا من يخلفه بنية تحتية قابلة للتطوير، ضمت أكثر من 145 مركز صحى بموريتانيا وأكثر من 20 مؤسسة استشفائية، وعدة مدارس للصحة، باتت اليوم وجهة للآلاف من العاطلين عن العمل، والطامحين إلى دور أكبر فى المستقبل القريب، وشبكة طرقية فكت العزلة عن العديد من المناطق النائية فى شرق البلاد وغربها، ولا تزال بحاجة إلى التطوير والترشيد والتسيير بعقلية تختلف عما سيرت بها أموال القطاع خلال العشرية الأخيرة.

أخفق الرئيس محمد ولد عبد العزيز فى تغيير واقع التعليم الثانوى والإعدادي والأساسى بشكل كبير، وطبعت الارتجالية تعامله مع التعليم العالى، رغم ملامح نجاح كانت استثنائية فى كلية الطب وبعض المعاهد العليا، وكان لإصرار الطلاب الدور الأبرز فى لفت الانتباه إليها، وتزويدها بما تحتاجه.

لم يوفق الرجل فى اختيار الوزراء الأمناء لإدارة قطاع التعليم العالى، بل كان أغلب من تولوا مناصب عليا فى القطاع من أصحاب العقد فى الجامعة، ودعاة الصدام مع المحيط التربوى. فلكل واحد منهم تركة من الصراع والتهميش فى المؤسسة التى ينتمى إليها، بحجم الآمال التى كانت تنتظر منه، لقد كان القطاع من أسوء قطاعات الدولة فى عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، المنشغل بتوفير البنية التحتية دون متابعة للمضمون، والمحاط بتحالف يريه أحسن ما فى القطاع، ويحجب عنه مكامن الخلل وهي جد كثيرة.

وقد تمكن ولد عبد العزيز خلال العشرية الأخيرة من ضبط قطاعات المالية والوظيفة العمومية، وعصرنة الممكن منها، فتم فتح المجال أمام أصحاب الشهادات العليا والمتوسطة من أجل ولوج الوظيفة العمومية، وغادر أهل التقاعد إلى فضاء الراحة، تاركين مناصبهم لمن هم أقدر على القيام بالمهمة، وضبطت العمالة بشكل كل محدد، وتمت عقلنة تسيير المؤسسات العمومية بشكل دقيق، وحارب ازدواج الوظيفة، وفتح المجال بشكل استثنائى فى الأجهزة الأمنية من أجل احتضان منتسبيها، عبر إنشاء شركة خاصة لتأمين المنشآت العمومية، وفرت للآلاف من المتقاعدين بنواكشوط ونواذيبو وتيرس الزمور عودة جديدة لأجواء العمل.

لم يوفق الرئيس محمد ولد عبد العزيز فى الكثير من تصرفاته،وكانت علاقته بالقوى السياسية جد متوترة، يطبعها انعدام الثقة، ولم تفلح مساعى بعض الأحزاب السياسية والتيارات الرامية إلى التقرب منه وتطبيع الحياة السياسية، وكان قاسيا فى تعاطيه مع بعض من دعموه وناصروه، فأقال ، وجرد، وسجن، وفى بعض الأحيان يتراجع ويعيد الاعتبار للضحايا دون مبرر معروف.

 دخل الرجل فى حروب عبثية مع بعض القوى السياسية أضاعت الكثير من فرض التنمية. وكانت بعض قراراته مجانبة للصواب، مبنية على الظن، وغير مسببة للجمهور، كما حصل مع "جمعية المستقبل" ذات الدور التربوى الكبير، وجمعية "يدا بيد" فى بلد يحتاجه لكل حكيم يخفف من الشحن الحاصل بدل إذكاء نيران الخلاف بين أبناء الجسد الواحد. وكان تعامله مع مؤسسات محمد ولد بوعماتو محكوما بروح الانتقام والسعي للتدمير، رغم أن الخلاف بين الرجلين سياسى بالدرجة الأولى، وتابع الشيوخ لأتفه الأسباب، ومس من كرامة البعض لمجرد دوره فى غرفة برلمانية يتيح له القانون أن يعبر فيها عما يحلوا له، لا ما يريده الرئيس أو غيره.

وقد كان من المحزن إغلاقه لجمعية الخير ى آخر أيامه فى الحكم ، وتشريد الأيتام المكفولين من طرفها، رغم الخدمة الجليلة التى أسديت للتيار الإسلامي برفع الحرج عنه تخفيف العبء عليه.

وأحسن الرجل فى قراره القاضى بإلغاء  مجلس الشيوخ، والتزامه بمواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية طيلة مساره فى الحكم، والأحسن من كل ذلك هو الوفاء بما ألتزم به، عبر احترام النصوص الدستورية ومغادرة السلطة، وإفساح المجال لرئيس آخر، دون احتجاج مزعج، أو انقلاب معطل للحياة السياسية ، أو تمديد يعرض أمن البلد للخطر.

سيد أحمد ولد باب/ مدير زهرة شنقيط