أتوقع أن تُؤتَى المعارضة هذه المرة أيضاً من قبل اللجنة "الوطنية المستقلة" للانتخابات ("لجنة الأصهار" كما سمّاها البعض قيل تعيين رئيسها الجديد، والذي هو في الواقع لا يملك من سلطةٍ داخلها غير صوته الواحد).. ليس فقط لأنها النسخة الأكثر رداءةً بين سابقاتها من جميع اللجان المشابهة، ولكن أيضاً بالنظر إلى دورها الواضح الفاضح في الانتقائية، الواسعة والفجة، التي طبعت عملية تسجيل الناخبين في سجلاتها مؤخراً، علاوةً على ما يتردد منذ يومين حول نيتها حصر ممثلي الأحزاب في 15 ممثلا فقط داخل كل مكتب انتخابي. وإذا ما صح هذا الخبر الأخير، فقد تكون معظم الـ15 ممثلا من أحزاب الموالاة والأحزاب الكرتونية التي تم تشريعها بالجملة في عام 2009 لزيادة سواد الموالين، ولغاياتٍ ومهامَّ أخرى كهذه الحالية تحديداً، أي المساهمة في دور حصان طروادة الذي تطلِع به "لجنة الأصهار" حتى الآن.. فهل تستطيع المعارضة الوطنية الديمقراطية سد هذه الثغرة الخطيرة حتى لا تُؤتَى من مأمن "الوطنية" و"الاستقلالية" على هيئة حصان الحياد الخشبي المخاتل المخادع؟ !
أعتقد أنها تستطيع ذلك بالفعل من خلال إبداء الحزم والرفض القاطعين ضد تزوير الانتخابات والتلاعب بنتائجها، وعبر التعبئة من أجل ذلك في يوم الاقتراع تحديداً، لاسيما من خلال المرابطة والحراسة أمام مكاتب التصويت منعاً لأي تلاعب بأصوات الناخبين وبإرادتهم الحقيقية، وللحيلولة دون دخول الحصان الخشبي ساحة العملية السياسية الانتخابية والإجهاز على محتواها الديمقراطي مجدداً، رغم الحجم المتواضع جداً لهذا المحتوى جراء عمليات القضم والتعدي التي ما فتئ يتعرض لها منذ انطلاقه الملتبس قبل ربع قرن، بواسطة نسخٍ مختلفة من حصان الخديعة والقوة المخاتلة !