تبذل الأحزاب السياسية جهودا كبيرة خلال الحملات الانتخابية من أجل إقناع الناخبين بالتصويت لها، ولكن عملية تصويت الناخبين ستبقى عديمة الجدوى إذا لم تتم حماية أصواتهم من عمليات التلاعب والتزوير والتي من المتوقع حدوثها بشكل واسع إن لم تتكاتف الجهود الهادفة لحماية تلك الأصوات من أي تزوير يمكن أن يقع.
إنه على كل الجهات المعنية بالعملية الانتخابية أن تكثف من جهودها، وأن تتعاون فيما بينها، من أجل فرض احترام إرادة الشعب الموريتاني التي سيعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، ومن أجل حماية أصوات الناخبين من أي تلاعب أو تزوير فإنه على كل الجهات المعنية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة.
إننا هنا لن نتحدث عما كان يجب أن يتم خلال الفترة الماضية عند البدء في تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات، إننا سنتحدث فقط عن الحاضر، وعما يجب القيام به الآن لحماية أصوات الناخبين من أي تلاعب محتمل.
1 ـ على مستوى الأحزاب السياسية : يجب على الأحزاب السياسية، وخاصة المعارضة منها أن تضمن تمثيلا قويا في كل مكاتب التصويت التي زاد عددها في هذه الانتخابات على 4000 مكتب. إن أهم عمل يجب القيام به الآن هو حماية الأصوات عند التعبير عنها من أي تلاعب، وإن الخطوة الأولى في عملية الحماية تلك تتمثل في وجود ممثلين على المستوى في كل مكاتب التصويت.
2 ـ اللجنة المستقلة للانتخابات : من المعروف بأنه قد غاب طيف كبير جدا من المعارضة عن التشكيلة الحالية للجنة المستقلة للانتخابات وأن ذلك الطيف قد تقدم بطعون في تشكيلتها، ومن المعروف أيضا بأن تعيين بعض الحكماء لم يحترم الشروط والمعايير التي جاءت في المادة الثالثة من المرسوم الصادر بتاريخ 03 مايو 2012، والمحدد لإجراءات تعيين لجنة تسيير اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. إن كل ذلك يجب أن لا يمنع الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية من التعاون مع اللجنة بتشكيلتها الحالية من أجل ضمان الحد الأدنى من الشفافية، ولا يعني ذلك عدم تخلي تلك الأطراف عن استخدام كل الوسائل المتاحة للضغط على هذه اللجنة لإحباط أي عملية تزوير قد تقوم بها هذه اللجنة.
3 ـ المجلس الدستوري : يبت المجلس الدستوري في أي نزاع يتعلق بصحة انتخاب النواب، أما النزاعات المتعلقة بالانتخابات البلدية والجهوية فتبت فيها المحكمة العليا. لم يلعب المجلس الدستوري هذا الدور في الماضي، وقد كان يعتمد في الطعون المقدمة إليه على محاضر اللجنة المستقلة للانتخابات. في هذه الانتخابات يجب أن تتغير الأمور، وعلى المجلس الدستوري أن يكون فاعلا وأن يكون قادرا على القيام بما كلفه به الدستور الموريتاني فيما يخص البت في صحة الانتخابات.
4 ـ المجتمع المدني : يمكن للمجتمع المدني أن يلعب أدوارا متعددة وهامة، منها ما هو توعوي وتحسيسي، ومنها ما هو رقابي وقد بدأت مبادرات تتشكل في هذا المجال.
5 ـ الإعلام بشقيه التقليدي والجديد: سيكون التعويل كبيرا على المدونين وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة بعد أن لعبت تلك المنصات دورا رائدا وحاسما في كشف ما جرى من تزوير في استفتاء 5 أغسطس2017.
اليوم سيكون التعويل كبيرا على المدونين لكشف وفضح عمليات التزوير التي يمكن أن تقع، هذا فضلا عن المساهمة في تشكيل رأي عام للضغط على الجهات المعنية حتى تقوم بأدوارها كاملة غير منقوصة: اللجنة المستقلة للانتخابات؛ الإعلام بشقيه الرسمي والخاص؛ المجلس الدستوري.. وفي حالة تقاعس تلك الجهات والهيئات والمجالس عن القيام بأدوارها، فحينها سيكون من واجب الأحزاب والناخبين والمترشحين أن يتخذوا الإجراءات اللازمة لحماية أصواتهم، وللدفاع عن إرادة الشعب الموريتاني.
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين ولد الفاضل