تابعت حلقة هذا المساء مما كان يفترض به أن يكون نقاشا بين وجهين إعلاميين يمثلان رؤيتين سياسيتين تختلفان في كثير من وسائل التعاطي مع الشأن الوطني - أيديولوجيا وسياسيا - ، وحين غاب أحد الطرفين - بغض النظر عن سبب الغياب - كنت أتوقع محاولة حل الإشكال الذي تسبب في مقاطعة " الكنتي" ، أو تأجيل الحلقة الى حين تمكين الطرف الآخر من إيجاد من يمثله في النقاش ، وكلا الأمرين بسيطان.
وحين تحول البرنامج الى "مونولوج" مستوحى من مسرحيات فن الملهاة في عصره الذهبي منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، في أوروبا ،خرجت بالملاحظات السريعة التالية :
- حاول فيصل القاسم أن يوهم المشاهدين أنه سيمثل الطرف الغائب ،ولم يظهر إلا مرة واحدة وهو يدفع بالحجج الرسمية الموريتانية، أما بقية الحلقة فأمضاها وهو يكيل التهم، ويقسم الألقاب ، وألفاظ القدح على رئيس الجمهورية وعلى الحكومة الموريتانية.
- كرّر فيصل القاسم مرات أن سبب مقاطعة "الكنتي" للبرنامج هي أوامر تلقاها من رئيس الجمهورية، ولم يقدم أدنى دليل على ذلك ، ولم يأت - وهو الذي يفترض حياده - على ذكر حجته في المقاطعة.
- حاول "الوديعة" طيلة الحلقة توريط الشيخ الددو في الشأن السياسي الداخلي ل"تواصل" ، بل في النهج والعقيدة السياسية للإخوان عموما ، وهو من برأ نفسه منها مرارا قائلا إنه يتفق معهم في أشياء ويختلف في أخرى ، مثل أي اتجاه سياسي آخر.
- أكدت طريقة "الوديعة" في إقحام اسم الشيخ الددو في أدق تفاصيل وحيثيات "الشأن التواصلي" ، أكدت ما أصبح واضحا لدى الكثيرين من أنهم إنما يتخذون الشيخ كعصا "يتوكأون" عليها ماديا ، "ويهشون" بها على عوام الناس ترغيبا وترهيبا، ولهم فيها "مآرب أخرى" دعائية وإعلامية.
- كانت طرح "الوديعة" ونقده للسياسات العامة وللإنجازات التي تحققت ، طرحا سطحيا، لم يتعد ما "تمضغه عجول" المعارضة من زمن بعيد، مثل رده على تأكيد رئيس الجمهورية على عدم رغبته في تعديل الدستور ، معترفا بذلك ، قبل أن يعود ويؤكد على نيته - أي الرئيس - في تعديل الدستون ،دون أن يقدم أي دليل أو قرينة على ذلك.
- لم يفوت "الوديعة" الفرصة التي سنحت له لإظهار ميوله الشعوبية ، وبغضه لكل ماهو عربي وعروبي ، عن طريق المطالبة بتشريع أحزاب عنصرية وانفصالية،وادعاء وجود مظالم وتفرقة عنصرية وصراع بين فئات المجتمع.
أخيرا ....ينص قانون كرة القدم على أنه إذا تخلف أحد الفريقين دون عذر مقبول في أية مباراة ، فإن الحكم يدعو الفريق الحاضر الى التجمع في النصف الخاص به من الملعب ، قبل أن يصفرّ ليأخذ أحد اللاعبين الكرة متوجها بها الى المرمى الفارغ ويدخلها فيه ،ليصفر الحكم صافرة النهاية، معلنا فوز الفريق الحاضر بثلاثة أهداف مقابل صفر.
وفيما يبدو فإن قانون "الاتجاه الواحد" هو على العكس من ذلك ، فإذا تغيب أحد "فريقيه"، فإن "الحكم" يقوم بنفسه ب"التصفير" ليسدّد الكرات في المرمى الفارغ بدل "الفريق" الحاضر ، التي يتولى دور الجمهور مرددا عبارات التشجيع والاستهجان، وأحيانا العبارات العنصرية، المحرمة في الملاعب الدولية، وذلك حتى نهاية الوقت الأصلي ل"لمباراة".
من صفحة الناجي عبد العزيز