تواريت عن الكتابة لفترة بسب انشغالات الواجب تجاه حزبي حزب الاتحاد من اجل الجمهورية و لم يكن لدي الكثير من الوقت للرد على كتاب المعارضة الذين شغلوا أنفسهم بالكتابة بدل العمل ميدانيا فكانت نتائجهم على قدر انشغالاتهم بالكتابة و كانت نتائجي و رفقائي على قدر عملنا بصمت و دون الاكتراث للترهات التي يكتبها باعة الكلام دون جميل فعال.
اليوم طالعت مقالا كتبه الأخ محمد الأمين الفاظل فرأيت أنه قد استخدم في عنوانه وصفا لا يليق مجازا و لا لغة ببلدي الحبيب موريتانيا فكان أن جعلني أكتب هذه السطور مبينا فيها عدة نقاط تفسر ما يعانيه أقرانه من المعارضة من الصدمة بالنتائج الهزيلة التي حصلوا عليها من قبل الشعب لأسباب عديدة لا يسع المقام لذكرها و إن كان رئيس الجمهورية قدم في تحليل سياسي معقلن حسدته عليه حين تحدث عن أسباب اندثار أحزاب عريقة و قوية بسبب تركها الساحة لمن أسماهم رئيس الجمهورية بالمتطرفين و العنصريين، و لو أن ذلك الوصف كان أدبا من فخامة الرئيس فلا وصف يليق بهم سوى الإرهابيين و الانفصاليين للاوطنيين.
لقد كتب ولد الفاظل في مقاله هذا أن البلد يعيش على شفى انفجار يعتبره ولد الفاظل حسب تحليلاته التي عادة ما يضيع قارؤها بين مرتكزات اللغة و طول قطار التبريرات و الأدلة و النقاط و تشعب المواضيع التي يحتويها مقال واحد، مع نهاية غير واضحة المعالم فلو قرأتها على أنها خلاصة لأصابت قارئها بالضياع بسبب بعدها عن التسلسل المنهجي و خلوها من الأدلة الواقعية.
فأي علاقة تربط ما يكتبه أستاذنا الغالي بما يريد أن يصل إليه، لننظر عميقا فيما كتبه حول ما أسماه “علبة كبريت” فيبدوا أن صديقنا كان يجلس مع أحد المتزمتين من الانفصاليين أو الإرهابيين فحدثه أن موريتانيا ستحدث فيها حرب أهلية بسبب انتخاب الشعب لنوابه و بسبب انتخاب النواب لرئيس ارتضوه لا هم مرغمون على انتخابه و لا هم مكرهون على الولاء لمن اقترحه عليهم.
فخرج صاحبنا من عند ذلك المتزمت ليكتب عنوانا مستوحى مما حدثت به عقل مريض بالتزمت عقلا لم يقدر أن يوجه صاحبه توجيها مستقلا فأثرت عليه تلك العبارات الجارحة و تلك الاتهامات الشخصية، ليكون العنوان بعيدا كل البعد عن فحوى المقال و ليتيح لي الفرصة للرد عليه دون كبير عناء.
يجب على صاحبنا أن يفرق بين القرارات و تطبيق القوانين فالقرار أمر إداري قابل للطعن، و القانون أمر سار المفعول لا يعطله إلا قانون أو أمر قانوني.
لنفترض جدلا أن هذا قرارا ألا ينص القانون على أن كل أمر إداري يمكن الطعن فيه لدى المحاكم و يمكن استئناف الاحكام الابتدائية الصادرة بخصوصه حتى تصل درجة التقاضي فيه محكمة القانون التي إن حكمت تحكم ببطلانه بشكل نهائي.
ألا يؤمن صاحبنا بالدولة المدنية، أليس حري به بدلا من كتابة هذا النص الأجوف و الربط بين القرارات و علبة الكبريت أن يكون عونا و سندا للطلاب و ينبههم على حقهم في الدفاع عن حقهم تجاه قرار اتخذت جهة إدارية يمكن الطعن فيه عند القضاء، أم أنه سيقول أن وزير التعليم العالي فوق القانون، و حين يقولها صاحبنا ولد الفاظل هل تصبح حقيقة ؟
إن قضية النائب الموقر بيرام الداه ولد أعبيد و ما أسماه حرمانه من جلسة البرلمان الجديد دليل آخر على عدم مدنية صاحبنا و عدم إيمانه بدولة الكبريت كما سماها، فلو كنت يا صاحبنا تؤمن بدولة الكبريت فلم لا تتوجه إلى القضاء و تسأل عن الظروف و الملابسات التي تم فيها اعتقال المعني و تسأل عن السبب القانوني الحائل دون مشاركة النائب الموقر في الجلسة إياها ؟
لقد ربط صاحبنا الصرامة بحادثين منفصلين شكلا و مضمونا، فأول الأمر تحدث عن نائب برلماني مرفوعة ضده شكوى من طرف صحفي ثم يأتي ليقارنها بما أسماه حادثة اعتداء على عنصر أمن الطرق، فهل يرى القانونيون أن القضيتين متشابهتين من حيث الشكل و المضمون ؟
أما بخصوص قضية ولد بوعماتو فيا ليت صاحبنا يواجه الرأي العام بحقيقة و أسباب تجميد أموال رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو و أنا على يقين تام بأنه يعرف الأسباب وراء ذلك.
فلعل صديقنا يقصد بعبارة “تأزيم الأوضاع” حرق موريتانيا بعلبة كبريت يشعلها الاسلاميون و يمولها ولد بوعماتو و يكون وقودها الطلاب و إيرا.
بهذه الطريقة يمكن القول أن صاحبنا يستخدم لغة الترهيب تجاه الرأي العام و هو ما يذكرني بعبارة الرنتيسي التي هدد فيها الجيش المصري في واقعة رابعة العدوية أبعد الله الشر عنا و عن أرضنا.
لقد ذكر اتهم صاحبنا الرجال الأكثر حكمة و الأكثر دهاء و الأكثر وطنية بالصدامية لو كان هؤلاء الذين ذكر صاحبنا صداميون لما كانوا يتقبلون الشوط الثاني و يتقبلون التحالف مع الغير و لما كان في عهدهم وحدهم ينتقل حزب بحجم حزب الوئام من المعارضة ليصبح حزبا من أحزاب الأغلبية، أم أن صديقنا يطعن في شخص بيجل ولد هميد و مكانته العالية و رفضه أن يكون جزئا من مؤامرة. مالكم كيف تحكمون يا صديقنا العزيز.
في الأخير اشتممت عدم براءة في تلك الشخصية المدنية ففي نظري أن ذكرها بهذه الطريقة له علاقة لا محالة برغبة جامحة لعودة الحمل الوديع الذي يمكن خداعه من قبل معارضين من أمثال أصدقاء صاحبنا كما فعلت النسخة الرابعة من حزب الزعيم أحمد.
موريتانيا محفوظة بأمر الله و بهؤلاء و بغيرهم من أبنائها البررة و ليحفظها من عيدان الكبريت التي ارتكز عليها مقالكم كما فسرتها.
و لمعلوماتكم لن تكون علبة كبريت ما دام الشيخ ولد بايه رئيسا للبرلمان و سيدي محمد ولد محم رئيس للحزب و محمد ولد عبد العزيز رئيسا للجمهورية و محمد ولد الغزواني قائدا عاما لأركان الجيوش، فموتوا بغيظكم يا أصحاب النوايا إياها.