الضغط على مكامن الالم في جسد الصديق أسلوب سادي لم تتعامل به وحوش البشر خلال المواجهات العنصرية ابان مجازر اكتشاف الأمريكيتين ولم تصل اليه نفوس الرومان والإغريق ولم يمارسوه في حلبات الصراع العبثي حينما خلّدت حضارة البشر في أسوء تجلياتها سخافة انتهاك حقوق البقاء وهوان تحول الجمهور الى وحوش تعشق سفك دم الخاسر على الحلبة وتتعالى صرخاتهم وهم يأمرون المنتصر بوقف حياة الضحية الخاسر و خلف صراخ المتعة تزأر نفوس الخاسرين تعبيرا عن شجب العقل الباطن للمشهد الذي شاء القدر ان تكرره امة العرب في بغداد اعرق ديارالعرب ، وتسعى جاهدة لتمريره في بلاد الشام ؛ اما في بلاد عمر المختار فالضحية القائد تعفن في سوق شعبي معروض على رواد السوق عشاق الانتقام من جثث البشر الاعداء اخوة الوطن وقادته الاماجد بالامس القريب ، تكرر المشهد في السودان وفي اليمن يستمر انتاج افلام الآكشن الحي من اجساد احفاد بلقيس وحماة سد مأرب وفي تونس يواجه ربان السفينة الخضراء زبد الموج الأبيض بحذر وهو يراقب من قمرة القيادة شواطئ الجيران ويقرأ بفضول نشرات الطقس العاصف في منطقة الربيع الممتد عبر كل الفصول ويتجرع كأس قهوته ( الكابتشينو ) وهو يستعد للرسو و مشهد الميناء العتيق يكسوه ضباب مزن البحر الأبيض وملايين القصص تستنسخ وملايينها الآخر تقرصن ملكيته والف توقيع جديد على انتاج قديم يغير عبثا تاريخ الذين صنعوا لحظات الحضارة والذين كلفوا انفسهم بحراستها والذين يصرون اليوم على تشويهها والتشهير بمن أحدثها وانجزها ووزعها ؛ ولو ان ابطال الحاضر اخذوا من الماضي عبقه وشموليته ومن الحاضر الحاحه ومطالبه ، لأسسوا لمستقبل واعد لشعب متعدد الثقافات في وطن واحد حل مشاكله بتوفير العيش الكريم و الامن النعيم والعدل السليم .
اننا بحاجة ماسة الى تجسيد القيم الفضلى و المكارم العلى والتكامل الأسمى فالأحفاد بحاجة الى تعزبز مناعتهم في مجالات الروح والحث على القيم والصفات الحميدة ، فما تزودهم به تكنلوجيا القوم كفيل بأن ينسف كل تقاليدنا الرائعة التي زرعناها ان نحن لم نرسخها بالتركرار والتذكر والتمثل المستمر لا عن طريق اضافة مشاهد من عندنا انتجها منتج مبتدأ ترنح بين الرذيلة والغدر ، ودعت اليها نخبة يوم فصلت عن عيرها وضلت وجهتها وتزودت من قرية بطرت بنعمة ربها وكفرت بجهدها وتناست ايام شحها وهي على الرمضاء تستجير من حر الوطن وأنظمته وتستجدي جرعة أمل لبقاء يوفر الحد الادنى من إكسير الحياة ؛ فلحظات الظلام المطبقة كثيرة في شريط تاريخ الوطن المرير وحينما اتاحت عناية الرب فرصة وإرادة التغيير قرر العملاء محاسبة مختار اللحظة و من صمد معه ولم يشرب من النهر الحرام والذين اكتفوا بغرفة منه وهم اليوم يخوضون المواجهة المحتومة ضد شذّاذ الفريق ودعاة تصفية المختار وفريقه ،وقد عبروا منذ وهلة رحلة محاولة التصحيح والتحديث الشاهدة على جهد من يصفهم عباقرة المرجعية بالمفسدين وهم يفتحون معراجا من معارج السماء ليسجلوا فيه اكتشافاتهم المذهلة في مجال بناء الاوطان واعدام الخصوم المصلحين وتوطيد وحدة المجتمع من خلال توجيه عملية الصلب والترائب والتدخل فيها لأغراض سياسية اجتماعية لم يعرها الاوائل أي اهتمام لخصوصيتها ولشكليتها في توطيد اسس اللحمة ولسقوط النخبة التي تفكر انطلاقا من اعضائها الحساسة والامة تعيش مرحلة حاسمة من تاريخ رهانها على البقاء ومواصلة نضالها من اجل الحياة الحرة الكريمة ، وفي القفص يقف احد اكثر قادتها حضورا في المشهد المرئي والمسموع والمحسوس وهو يوشك ان يفتح التابوت فبقية ما فيه تكفي لتدمير الاساطير التي عليها تأسس جزء هائل من مجتمع الوطن المفتون بيوميات الخوارق والكرامات .