وصف الشيخ عبدالرحمن السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النوبي اتِّفَاقُ الرِّيَاض بانها مُبَادَرَةٍ تَأرِيْخِيَّةٍ مُوَفَّقَةٍ بين الإِخْوَة الأَشِقَّاء مِن الحُكُوْمَة الشَّرْعيَّة اليَمَنِيَّة، وَالمَجْلس الانْتِقَالي الجَنُوْبِي بِرِعَايةٍ كَريمةِ. وقال الشيخ السديس ان هذا الاتفاق حظي بعناية حَكيمةٍ مِن لَدُنْ خَادِم الحَرَمين الشَّرِيْفين الملك سَلْمَان بْن عَبْدالعَزِيْز آل سُعُود، وَسُمُوِّ وَلي عَهْدِهِ الأَمِيْن الأَمِيْر مُحَمَّد بْن سَلْمان بْن عَبْدالعَزِيْز آل سُعُوْد – وَفَّقَهُما الله-
اللذان يعملان عَلَى تَوْحِيْد الكَلِمَة وَرَأبِ الصَّدع وجَبْرَ الكَسْر ولمّ الشَّمْل بَيْن مُخَتَلَف المَنَاطِقِ والأَفْرَاد وَالجَمَاعَات وَالقَبَائِل وَالعَشَائِر،لِتَحْقِيق آمَال وَتَطَلُّعَات الشَّعْب اليَمَني الشَّقِيْق، وَمُوَاجَهةِ الفِئَة البَاغِيَة، المَدْعُوْمة مِن أَجِنْدَاتٍ خَارجِيَّة، وَأطْمَاعٍ عُدْوَانيَّةٍ،
وَالَّتِي مَا فَتِئَتْ عَن الإِفْسَاد وَالتَّدْمِير، وَالتَّرْوِيْع وَالتَّفْجِيْر؛ حَتَّى طَفَحَ كَيْدُهم، وَتَطَاوَل شَرَرُهُم فيِ بِلَاد اليَمَنِ الشَّقِيْق، الَّذِي مِن قُلُوْبِنَا فيِ السُّوَيْدَاء،
وقال “ وَمِنْ عُيُوْنِنَا فيِ المُقَل، فَقَدْ آنَ الأَوَانُ لِيَعِيشَ الإِخْوَةُ الأَشِقَّاء اليَمَنِيّوْنَ مُتَوَادِّينَ مُتَآزِرِينَ; ممُتَكَافِلِينَ مُتَصَافِينَ، وَضِدَّ المِحَنِ وَالخُطُوبِ مُتَصَافِّينَ، وَعَلَى نُصْرَةِ قَضَايَاهُم الأَمْنِيَّة وَالتَّنْمَوِيَّة مُتَوَافِينَ.
واشار : إنَّ هذه المُبَادرَة التَّأريخيَّة المُوَفَّقَة مِن لَدُنِ وَلِيِّ أَمرِ هَذِه البِلادِ المُبَارَكَةِ هي كَرِيمَةُ الأَثَرِ، سَّاطِعَةُ الحُجُولِ وَالغُرَرِ، تُحَقِّقُ المُؤَاخَاةَ وَالمُصَالَحَة وَالوِفَاقَ وَالمُنَاصَحَة، وِفَاقاً بَينَ الأَحبَّاءِ، وصُلْحاً بَينَ الأَشقَّاءِ، وَحَقْناً لِزَاكِي الدِّمَاءِ، وَإِقَالَةً لِلعَاثِرِ، وَإشَاعَةً لِلمَآثرِ، الَّتِي استَعلَنَ فِيهَا نَاطِقًا جَهِيرًا، القَولُ الشَّامِلُ العَمِيقُ، لِلْمَولَى عَزَّ اسمُهُ:
﴿إِنَّمَا المؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾
فَنَشَرَت تِلكَ الوَقْفَةُ الإِيمَانِيَّةُ الحقَّ وَالحِكْمَةَ عَلَى الفُرَقَاء، وَزَرَعَت البَسمَةَ بَينَ الأَوُدَّاء، فَآضُوا مِنَ العِدَاءِ إِلَى الإِخَاءِ، وَمِن الاخْتِلَافِ إِلى الائْتِلاف، وَمِن الشَّحنَاءِ إِلَى الصَّفَاءِ، وَمِنَ التَّدابُرِ وَالافتِراقِ، إِلَى التَّسَامُحِ وَالوِفَاق وتابع قائلا “ إنَّ هَذَا الوِفَاق وَالتَّعَاهُد وَالمِيْثَاق الَّذِي انْتَشَت بِرَحِيقِهِ أُمَّةُ الإِسْلامِ، وَبَارَكَهُ دُعَاةُ الوِفَاقِ وَالسَّلامِ
، وَهَشَّ لَهُ رِجَالُ السِّلْمِ وَالوِئَامِ ، لَهُو رِسَالَةٌ نُورَانِيَّةٌ لِلْعَالَمِ أَجْمَعِ، تَكْشِفُ بِأَنَّ بِلَاد الحَرَمَيْن الشَّرِيْفَين، وَقِيَادَتَهَا المُبَارَكَة المُمَثَّلَة فيِ مَقَامِ خَادِم الحَرَمين الشَّرِيْفَين الملك سَلْمَان بْن عَبْدالعَزِيْز آل سُعُوْد، وَسُمُوِّ وَلي عَهْدِهِ الأَمِيْن الأَمِيْر مُحَمَّد بْن سَلْمان بْن عَبْدالعَزِيْز آل سُعُوْد –حَفِظَهُمَا الله- مَوْئِل الفَيْئَةِ وَالإِخَاءِ، وَمأْرِز التَّسَامُحِ وَالصَّفَاءِ، وَأنَّهَا مَوْطِنُ حَضَارَةٍ وَتَأرِيخٍ، وَأنَّ قِيَادَتَهَا دُعَاةُ رِسَالَةٍ وَمُثُلٍ وَقِيَمٍ لاتَرِيمُ،
واشار الى انه فَمِنْ ثَوَابِت بِلَاد الحَرَمين المَحْرُوْسَة، أنَّها لا تَدْعُوا إِلى الحَرَبْ وَالاعْتِدَاء، وَالتَّبَاغض وَالشَّحْنَاء، وَلا تَنْطَلق مِن طَائِفِيَّة وَأَهْوَاء، وَرَغَبَاتٍ رَعْنَاء،بَلْ تَقِفُ مَوَاقِفَ الحِكْمَة وَالحِلم، وَتَسْعَى إلى تَعْزِيْز الأَمْن وَالسِّلم الإِقْلِيمِيّينِ والدَّوْلِيّين؛ ليُنْصِت التَّأرِيْخُ المُعَاصِرُ،
وَيُسَجِّلَ فِي طُرُوسِ إِصْلاحِ ذَاتِ البَيْنِ: أَسْنَى شَهَادَةٍ، وَدُرَّةَ رِيَادَةٍ، وَأَفْضَلَ إِشَادَةٍ مَا نَافَ عَنِ الْعَادَةِ،
فِي عَزْمَةٍ لَمْ تَسَعْهَا حُدُودُ الطُّمُوحِ، وَلَمْ يُثْنِهَا عَنْ مُنَاهَا التَّرَدُّدُ وَالجُمُوحُ، نَعَمْ! فِي هَذَا الإِنْجَازِ الأَخَوِيِّ البَاهِرِ،
وَالاصْطِفَافِ المَيْمُوْن الزَّاهِر، إِيْذَانٌ بِانْبِلاجِ فَجْرٍ جَدِيدٍ فِي تَأرِيخِ حَلِّ قَضَايَانَا المُعَاصِرَةِ ووَبُرْهَانٌ جَلِيٌّ ظَاهِرٌ على دَوْر بِلَادِ الحَرَمَيْن الشَّرِيْفَين المِحْوَري، وَالثَّقِل الإِسْلَامي الإِقْلِيْمي وَالعَالمي، وَلَا غَرْوَ،
فَهِيَ مَهْدُ الوَحْي، وَمَنْبعُ الرِّسَالَة، وَمَثْوى رَسَوْلِ الهُدَى، وَقِبْلةُ العَالم، وَمَرْكزُ القُوْة وَالرِّيَادة؛ وَمُنْطَلَقُ الْقِيَادَةِ وَالسَّيَادَةِ.
أَيُّهَا الأَحِبَّة الفُضَلا: إِنَّ المَوَاقِفَ المَشْهُودَةَ الأَبِيَّةَ،وَالمُؤَازَاتِ السَّنِيَّةِ، وَالمُبَادَرَات النَّدِيَّة، مِنْ لَدُنْ خَادِم الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَسُمُوِّ وَلي عَهْدِه الأَمِيْن – وَفَّقَهُما الله تَعَالى-
فَهُمَا فيِ هَذَا المِضْمَار سَبَّاقَا غَايَات، وَصَاحِبا آيَات ؛ لتُجْزَى بِأَصْدَقِ الدَّعَوَاتِ، وَأَوْفَرِ الِابْتِهَالاَتِ،
بِأَنْ يُثَقِّلَ الله مَوَازِينَ حَسَنَاتِهِمْ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ رِفْعَةً فِي دَرَجَاتِهِمْ عَنْ الأُخُوَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ، وَالعَاطِفَةِ الجَيَّاشَةِ الإِنْسَانِيَّةِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَخِتَامَاً: نَسْأَل الله تَعَالى أَن يُسدِّد الأَهدَاف، وَيُبَارِك في الجُهُود، فَهُو خَيْرُ مَسْؤُول وَمَقْصُود،
وأن يَحْفَظ عَليْنَا عَقِيدَتَنا وقِيَادَتَنَا وأَمْنَنَا واسْتِقْرَارَنَا، وأَن يَجْزِيَ خَادِم الحَرَمَيْن الشَّريفين الملك سَلْمَان بْن عَبْدالعَزِيْز آل سُعُود- وفَّقَهُ الله-،
وسُمُو ولي عهده الأمين، صَاحِب السُّمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سُعُود-حَفِظَهُ الله- خَيْرَ الجَزَاءِ وَأَوْفَاهُ، وَأَعْظَمَهُ وَمُنْتَهَاهُ عَلَى جُهُودِهم المشكورةً