لما دعتنى ظروف النجعة إلى - اقويرط بوزرب – ذلك العالم الذى تعرف فيه الوطن على حقيقة اشباه رجال يرعون الغنم في تجل للجهل على حقيقته أطفال غيبوا عن مقاعد الدرس ربما عنوة في غفلة أو تغافل من الوطن يتغنون بالوطن الحاضر الغائب.
أحدهم وهو صغير جدا فاجأته على إحدى أكمات – قويرط بوزرب – وهو ينشد :
موريتانين @ وللين ُ@ عاد أعلين @ نبنو موريتانين
سألته ماهي موريتانيا أجاب بكل براءة –كادت تقتلنى كمدا – صوك جكنى - .
انفجرت ضحكا مع حزن في الأعماق من أطفال موريتانيا أزهار تذبل وراء قطعان أغنام في صحارى هذا البلد فلا الدولة تقدم على فعل ينقذ هؤلاء من براثين الجهل لقد كان عالم اقوريط بوزرب وانعيمات والوزات والدمبايه يشبه عالما هلاميا أوعالم الخرافة أطفال أغنام مراعي في صحراء تشبه صحراء التينيرى لمن يعرفها إلا أن البدوي يتحداها بحثا عن الكلأ الذي لا تتوفر المياه حيث يوجد .
إن ساستنا منشغلون بالانتخابات قالها لى شاب أسمر صادفته وهو يسوق بقرات هزيلة تحصل عليها من عمله في ساحل العاج واسترسل حصلت على باكالوريا رياضيات ولم أستطع الحصول على منحة إلى أروبا الغربية رغم أحقيتى بسبب الزبونية حينها زمن وزير سماه بالاسم حيث منحت إلى الإتحاد السوفيتي حينها أدركت الحيف والظلم الثقافي الذي مارسه بعضهم طيلة عقود .
لقد جسدت فترة حكم والله الطائع 1984 أخطر المراحل وأغربها حيث سادت الوساطة والمحسوبية والزبونية والقبلية والعنصرية ففي أحداث 1989 حطمت كل معانى السامية في هذا الشعب المسلم المسالم قتل الأخ لأخيه المسلم في شهر رمضان الكريم مما أسس وجذر عبادة الفرد يقول الراوي لقد كان الحديث على أكمات النعيمات شيقا مع هذا المواطن أعطانى نظرة أخرى عن وطن عفاك يفلان يل أمحيت الأمية وكيت .
لما بدأت بقرات الشاب تبتعد لملم دراعته المتسخة وودعنى قلت أتعرف مع من كنت تتحدث.؟ قال لا قلت مع أحد مدونى البلد قال مصطلح جديد قلت سأتخذ من قصتك ولها شقائق موضوعا للتوعية عن خطر المحسوبية والزبونية .
قال أو مخبر أنت عن حالى ؟ قلت نعم قال لينى فيها جذعا لم أعد أصلح لغير هذه البقرات قلت يمكن أن يشفق عليك أحدهم و يكتبك معلما قال البؤساء هم -مثل بؤساء فكتور هيكو - لا مال حصلوا عليه ولا جاه ولا حتى تقديرا !!! أصدقك القول يا هذا أننى أشمئز من هذه الفئة حول إلى قريتنا أحدهم ولاحظت أنه لا يحسن القراءة !!! يا لنذالة قلت لمحدثى إنه مذكرا في عصر الاستقلال كان المعلم محل التقدير والاحترام قال أعرف منهم أستاذى المرحوم أحمد باب مسك وأضاف أتعرف أن العالم والمجدد العلامة عبد الله بن بيه كان يدرس في عريش ببوصطيله لكن الكثير لا يعرف حقيقة وطنية هامة وهي أن معظم المعلمين الأوائل هم من دفع بالبلد للوضع الراهن قلت كيف ؟
قال شكلوا النواة الأولى للضباط الذين قاموا بالانقلاب العسكري على أبي الأمة بالتواطئ والتخطيط من الطبقة البرجوازية في توجنين وأسسوا لحكم القائد الفرد الملهم حيث لم يعد العلم والتعلم الهدف الأسمى يقول الراوي .
رغم أن دور العلم والمتعلمين انحسر في السنين 30 الماضية عموما فقد انخرط أغلب المتعلمين في السلك العسكري منذ بداية الاستقلال وأقدم بعضهم وبتحالف مع أثرياء توجنين المارقين على سلطة الأب المؤسس على الإطاحة بالحكم المدني الوطني الذي أخرج البلد من حالة السيبة إلى مايشبه الدولة وفي ظرف كانت البلاد على شفى جرف هار و بأشهر قبل الحدث 10يوليو استطاعت وحدات من مقاتلى جبهة تحرير الساقية الحمراء وواد الذهي يقودها الرفيق الشهيد الولى مصطفي السيد على طرق أبواب انواكشوط عندما كان الأب في قمة افريقية بداكار ساعتها بدأت فكرة الإطاحة بالرئيس المختار وهو أمر يحسب على جيل المعلمين الاوائل وأثرياء توجنين على حد السواء .
إنهم من أدرك بكل وعي أن أرض الرجال وأرض المنارة والرباط تخوض حربا بالوكالة عن المغرب الذي قاد ملكه الراحل طيب الله ثراه مسيرة خضراء لضم أقليم الساقية الحمراء إلى أحضان الوطن الأم المزعومة .
لقد مثلت افترة بين 28/11/1960 و10/7/1978 تاريخا مضيئا لهذا البلد وحددت خلاله هوية موريتانيا الثقافية العربية الإفريقية وكان العلم أداة التعريف بموريتانيا إلى حدود1992 حيث تماهت الدولة ولم يعد هناك معنى لها نعم أقيمت انتخابات وشرعت برلمانات لكن على الطريقة الإفريقية واستجابة لطلب الرئيس فراسوا ميتراه .
عندما كنا طلبة في كلية الأداب كان أغلبنا متحمسا لإحياء تراث موريتانيا الثقافي وكانت محاضرات أستاذنا المرحوم جمال ولد الحسن عن ثقافة الصحراء وأصدقاء تلك الثقافة وخاصة تيودور مونو والذي كان معجبا بوصف البلاد بأرض الرجال وحين عاد إلي البلاد في أتون حرب الصحراء قال – ما يؤسفنى أن أرض الرجال قد تتحول بعد هذه الحرب إلى أرض النساء –
وعندما كان في زيارة لموريتانيا حل بفندق الأحمدى قام أستاذنا المرحوم جمال ولد الحسن بزيارة مجاملة للرجل صحبة بعض تلامذته تشرفت أن كنت أحدهم سألت مونو كيف وصفت في جريدة الأممية الاشتراكية موريتانيا بأرض النساء قال في أدب أقصد الأيتام الذين ستخلفهم حربا كنتم في عنى عنها جرت بلدكم لحكم العسكر وأفقدت بلدكم المصداقية الدولية فقد عرفت بلادكم في صفحات كتب التاريخ بالصحراء العالمة كما يقول أحمد جمال حسن يتابع مون ولعل صحراء أرض الرجال قدمت نموذجا فريدا ونادرا في العالم المعروف – بادية عالمة – تضاهي في انتشار العلم فيها الحواضر الإسلامية الأموية والعباسية الكوفة والبصرة والقاهرة وبغداد وبيروت ويتابع لقد مثلت بلادكم أعجوبة في الدراسات الاجتماعية نادر ما توصف البوادى والأعراب إلا بأوصاف غير حميدة ويلتفت مخاطبا المرحوم جمال أليس ذلك صحيحا حتى القرآن الكريم يشهد على ذلك ولقد مثلت بوادى موريتانيا استثناء يصحح القاعدة فهي كما وصفت - بوادى عالمة – حيث ينتشر الجمل والقافلة ينتشر العلم والإسلام فقد نشر رجال تلك القوافل النور للقارة السمراء رغم كل المحاولات لتشويه دور طريق القوافل وربطها بالاسترقاق لحاجة في نفس الدوائر الاستعمارية .
إن أخطر ما تعيشه موريتانيا اليوم تجاهل حقيقة أن الوضع الحالى يحمل بوادر انفجار الأمة الموريتانية لقد أسست المدارس الخصوصية وأصبحت مجالا تجاريا مربحا – وذلك لعمري الخطر الأكبر في موريتانيا التيفاي – وتخلت الدولة- رغم الجهود الكبيرة التي بذلت من طرف رائد النهضة على مستوى البنية التحتية – والتى بدأت فيئات عريضة من المجتمع تنظر للمدرسة العمومية نظرة احتقار لا لسبب غير الميوعة وعدم المصداقية فلم يعد اختيار المعلمين يخضع لمعايير وضوابط وكرست الزبونية فى اختيار معلمين ظرفيين يتعاقد معهم لا يتوفرون على أدنى حد من المعرفة وأصبح المواطن ينظر لمهنة المعلم بالازدراء مما جعل من الممكن حقا قول أن التعليم في البلد ينهار تماما مثل بعض من بناه التحتية التي تنهار حتى قبل تسليمها .
يمكن أن نقول بكل وضوح أننا جميعنا نقوم بوأد الوطن حيا .
إن السير في هذا الاتجاه والاستمرار فيه يجعل التعليم العمومي ينهار تماما ولن يستطيع غير الأثرياء تعليم أبنائهم في محلات مدرسية تسمونها- مدارس خصوصية - .
تربى جيلا جديدا على مقاس القائمين على تلك الحوانيت شخصيا أدعو لحظر تلك المدارس وتنمية المدرسة العمومية وإعادة الاعتبار لقيمة العلم والمعلم ووضع شروط قاسية على كل من يرغب في امتهان هذه المهنة الشريفة التي لا يتصور وطن بدونها .
ضبابية الرؤية في تحديد الثوابت التي تجب على المنظمومة التربوية طبعت بشكل عام السياسة الوطنية في المجال منذ 1978 دفع التعليم تبعا لتلك الرؤية الثمن غاليا حيث أعتمد النظام الأكثر خطورة وهو السير بالبلد بنظامين تربويين اختياريين – وإن كان الوضع صحح حاليا – وكأننا لم نحدد من نكن منذ أزيد من 7 قرون بلاد شنقيط , وبلاد التكرور وبلاد الملثمين وأرض المنارة والرباط وهزة الوصل لكنها تقرأ وتقرئ وتعلم قيم الحضارة العربية الإفريقية الإسلامية .
لوكان لي الاختيار اليوم لكان الحل العودة قوية إلى نظامنا التربوي التقليدى وترسيخه مع عصرنته لأنه النظام الشعبوي الوحيد الذي أثبت جدارته في محاربة الجهل وتتساوى فيه الفرص فلا مكان ولا دور للمال في هذا النظام له ركيزتان هما الشيخ والتلميذ يمتاز بالتقدير المطلق للمعلم والمتعلم والمتعلم لوجه الله .
تمبدغة بتاريخ07/12/2018
الكاتب والمدون الطالب عبد الله أهن