حاول الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز أن يبعث بعدة رسائل من خلال مؤتمره الصحفي الذي تم تنظيمه فجر الجمعة الماضي.
أول هذه الرسائل استدرار تعاطف المشاهد وكل من يتوق لحرية التعبير، من خلال إظهار نفسه بمظهر الضحية الممنوع من جميع حقوقه السياسية، من خلال منع الفنادق من استضافته ووسائل الإعلام من توفير خدمة البث المباشر له مع التلميح والتصريح بأن هذا الحق كان مصانا في عهده.
ثانيا : الحرص على أن يكون الكلام منصبا على الأزمة التي أثارها داخل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، متجاهلا الرد على الكثير من الأسئلة التي أثيرت وكان الرأي العام يتوق للرد عليها أكثر..
ثالثا: رفضه الإجابة بالفرنسية على الأسئلة التي طرحت بها، وهذا ما لم يكن من عادته في مؤتمراته الصحفية التي نظمها وهو رئيس للجمهورية، ليبقى الإجراء متناغما مع الهدف الأساس وهو اللعب على العواطف أكثر من تقديم معلومات ووقائع حقيقية، فقد يكون مغازلة للداعين لتعزيز مكانة اللغة العربية، خاصة أننا مازلنا قريبين من يومها، ورسالة امتعاض للفرنسيين الذين ربما يكونوا من بين الدول التي وقفت أمام منحه منصبا دوليا.
لكن ربما جرت الرياح بما لم تشتهيه سفن الرئيس السابق الذي لم يجف حبر مرحلته في الرئاسة، ما شكل ردود فعل واسعة وضعت جدارا سميكا وقف حاجزا أمام وصول الرسائل للمتلقى، حيث ضجت وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع بالرد على تلك الادعاءات مبرزين أن ولد عبد العزيز لم يكن الأفضل للحديث عن احترام القانون ولا الديمقراطية، حيث انتهت فترته بالانسداد ما بينه ومعارضيه، ، فأمعنت السلطة استخدام نفوذها بشكل فج، فقضي على الأحزاب السياسية وديست القوانين، وتم خلق الحزب الواحد الذي كاد يبتلع جميع الأحزاب، وتم خلق بطانة من الوزراء سخرت وسائل الدولة لإذلال خصومها من موالات النظام أما معارضته فحدث ولا حرج، فأصبحت الامتيازات تمنح حسب الولاء دون أي اعتبار للكفاءة، وتم تمييع الحرية الإعلامية حتي فقدت معناها، مع نفي الخصوم.
وربما كانت العودة الأخيرة لولد عبد العزيز وزيارة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية كان لتفجير قنبلة سياسية، تشبه إلى حد كبير- حسب مراقبين- تكرار سيناريو حجب الثقة مع الرئيس الأسبق سيدى ولد الشيخ عبد الله، لكن ما في كل مرة تسلم الجرة .
فهل انقلب السحر على الساحر؟
من يعرفون ولد عبد العزيز جيدا، يصفونه بالمراوغ، بل ويرون بأن ما يقول لا يعبر عن ما يريد فعله، وبأن المؤتمر الصحفي والحجج الواهية التي صيغت فيه، لا تعدو كونها شجرة لإخفاء غابة من ردود الفعل .. فهل يعني ذلك بأن المعركة لم تنته بعد؟ ..
الأحداث توضح أن علاقة ولد عبد العزيز بالنظام وصلت لمرحلة اللاعودة، وقد تبين الأمر جليا من خلال نزع صوره من مقار حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وهي رسالة الرد الأولي، في انتظار رسائل أخرى قد تكون أكثر وضوحا..