الزهرة أنفو : أعلن في نواكشوط الأربعاء عن استكمال تشكيل لجنة وطنية مكلفة بجمع الأدلة والوثائق والملفات حول تسيير نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الذي حكم موريتانيا من 2009 حتى 2019.
وستبدأ هذه اللجنة التي ينسق عملها الدكتور موسى ولد أبنو، وهو أستاذ جامعي وكاتب روائي مشهور، عملها عما قريب وفقا لما أكده منسق اللجنة لـ”القدس العربي”.
وتزامن الإعلان عن تشكيل هذه اللجنة مع سفر الرئيس السابق إلى إسبانيا مع عائلته، وهو السفر الذي اعتبره خصومه السياسيون “دليلا على تساهل نظام الرئيس الغزواني معه”.
ويتوازى عمل لجنة جمع الأدلة مع تحقيقات تواصلها لجنة شكلها البرلمان قبل أكثر من شهر، للتدقيق في تسيير الرئيس السابق.
وتابعت لجنة التحقيق البرلمانية استجواباتها لعدد من وزراء وأقرباء وأعوان الرئيس السابق، وهي الاستجوابات التي يتوقع أن تتواصل لتغذية تقرير تعده اللجنة عما يسميه خصوم النظام السابق “جرائم نهب ممتلكات الشعب الموريتاني”.
وضمن هذه الحملة المطالبة بالتحقيق مع الرئيس السابق، نشرت فرقة “أولاد لبلاد” المتخصصة في أغاني الراب أعنيتها السياسية الجديدة الداعية لمحاكمة الرئيس السابق.
لجنة التحقيق البرلمانية تواصل التدقيق وأغنية تطالب بالمحاكمة
ووزعت الأغنية التي تابعها الكثيرون كالعادة، تحت عنوان “عر (الخنزير) ينبغي أن يحاكم”.
وأكد الدكتور موسى ولد أبنو، في توضيحات لـ”القدس العربي”، أمس أن “اللجنة التي ينسق عملها تشكلت وعيا من أعضائها بإصرار الشعب الموريتاني على مساءلة النظام السابق”.
وقال: “نعلن عن تشكيل لجنة وطنية لجمع الأدلة والملفات حول جرائم نظام عزيز، الذي حكم موريتانيا بين الظلم والفشل والفساد لمدة تزيد على عشر سنوات”.
وأضاف: “هدفنا هو جمع الأدلة ودراسة ملفات جرائم عزيز وجميع الفاسدين خلال فترة حكمه، ويمهد تكوين هذه اللجنة لرفع دعاوى جنائية أمام المحاكم المختصة، وذلك فيما يتعلق بجرائم الانتهاكات وجرائم الفساد وتبديد المال العام، وكافة أنواع الجرائم المعاقب عليها بموجب القانون”.
وتابع الدكتور موسى: “ملفات فساد عزيز وعصابته تعج بها الأدراج الرسمية وغير الرسمية، ووضع اليد عليها وتقديمها للقضاء واسترداد أموال البلاد المنهوبة، هذه هي أهدافنا، وسبب تحركنا هو التراخي الملاحظ في محاسبة عزيز، وسنتحرك من أجل تسريع محاكمته”.
وشدد على أن “مطلب اللجنة هو محاسبة عزيز الذي تسبب في انهيار البلاد وتدمير المشاريع الحيوية وإنهاك الاقتصاد وسرقة الموارد الوطنية، وتحويل البلاد إلى حوزة لعصابته”.
“عزيز، يضيف الدكتور موسى، لم يترك فقط دولة منهارة وفاشلة، بل ترك أيضا نسيجا اجتماعيا ممزقا، تنهكه الصراعات القبلية والعنصرية، ولن يقبل الشعب الموريتاني أن تمضي عشرية عزيز السوداء دون محاسبة، ولن يتسامح مع هذه السنوات العجاف بأي حال من الأحوال”.
وطالبت المعارضة الموريتانية في وثيقة أخيرة لها “بمعاقبة كافة المتورطين في ملفات الفساد الذي طال، حسب قولها، خلال العشرية التي حكمها محمد ولد عبد العزيز، بما في ذلك كبريات الشركات الوطنية وهي شركة (اسنيم) للصناعة والمناجم، والشركة الوطنية للكهرباء، ومينائي نواكشوط ونواذيبو، وشركة سونمكس، والمؤسسة الوطنية لصيانة الطرق، ووكالة تنفيذ الأشغال ذات النفع العام، ووكالة ترقية النّفاذ الشامل إلى الخدمات”.
ودعت المعارضة “الشعب الموريتاني للوقوف مع حقوقه التي لا تسقط بالتقادم”، مستنكرة بشدة “أي محاولة من شأنها التستر على المفسدين وحمايتهم”.
وأضافت المعارضة أن ما سمته “عشرية الجمر لحكم محمد ولد عبد العزيز، اتسمت بكل صنوف الفساد المادي والمعنوي، فقد تم العبث برموز الدولة وثوابتها من نشيد وعلم، ودُمّرت الهوية الوطنية وشُجّع خطاب الكراهية بين مكونات الشعب، واستُغل سلطان الدولة خدمة لنزوات رأس النظام. وعلى الصعيد السياسي اتصفت العشرية بالتسيير الأحادي للمسلسلات الانتخابية، ومُحاصرة المعارضين ومُطاردة بعضهم في الداخل والخارج”.
وتضيف المعارضة: “لقد جعل محمد ولد عبد العزيز من الثروة الوطنية ملكا خاصا، عبر منح رخص التنقيب عن خيرات البلد من ذهب وحديد ونحاس وبترول وغاز، واستغلال للثروات السمكية والزراعية لشركات مشبوهة، بواسطة اتفاقيات خارجة عن القانون، كما تم تبديد موارد الطفرة التي عرفها البلد إبّان حكمه في تمويل مشاريع باهظة الثمن، اتضح فيما بعد أنها وهمية، تم تمريرها من خلال صفقات مُريبة، كما تم تفليس مؤسسات وطنية هامة، كالشركة الوطنية للإيراد والتصدير (سونمكس) والمؤسسة الوطنية لصيانة الطرق (أنير)، ووُضعت شركة اسنيم والشركة الوطنية للكهرباء في حالة شبه إفلاس، ولم تكن السوق المحلية لتسلم من التدخلات التي دفعت بثُلّة جديدة من «رجال الأعمال» إلى الواجهة الاقتصادية للبلد وتمكينهم من احتكاره، مما أدّى إلى تدهور القوة الشرائية للمواطن، وتهميش للفاعلين الاقتصاديين الذين لا يرضخون لنزوات النظام، وإفساد مُناخ الأعمال”.
وزادت: “أما اقتصاد الريف فقد عانى طيلة العشرية المُنصرمة من الإهمال، فراح ضحية لموجات الجفاف المتكررة، وفي المُحصّلة، فقد أدّى هذا التسيير الكارثي إلى انتشار الفقر المُدقع في صفوف المُواطنين على جميع الأصعدة وفي كافة مناطق البلاد، بما في ذلك بين الفئات المتوسطة، وإلى تفشي البطالة، والاتجار بالمخدرات وتعاطيها في أوساط الشباب، وشيوع الجريمة المُنظّمة”.
ونفى الرئيس السابق كافة تهم الفساد الموجهة إليه، وأكد في آخر مؤتمر صحافي يعقده “استعداده للتحقيق في فترة حكمه”، مع توجيهه تهديدا مبطنا لشخصيات في النظام الجديد أكد فيه أن “التحقيق معه لن ينجو منه أحد”.
عبد الله مولود
نواكشوط- “القدس العربي”: