إنارة للرأي العام إليكم نبذة عن وضع المنقبين في الشٌَكٌَات :
الزهرة / على بعد 800 كلومتر من ازويرات وعلى مقربة من الحدود الجزائرية هناك منطقة تسمي الشكات يتواجد بها الآن مايقدر بمائة ألف مواطن في رحلة بحث عن الذهب .
صبيحة السادس عشر من الشهر الماضي وبعد ليلة من السير الجاد وبدون توقف تقريبا وصلت طلائع المنقبين إلى تلك المنطقة وبدأت تجوبها طولا وعرضا وماهي إلا ساعات حتى استقبلت الشكات نحو 2000 سيارة و100 ألف منقب بعد صولات وجولات واختبارات وتحركات حثيثة في جوانب المنطقة بدأ المنقبون يحطون عصا الترحال وضُربت الخيام وبدأ التموقع
وفي أول اختبار للأرض ومع أول عراك معها أرسلت الشكات إشارات واضحة تفيد بأن ظاهر الأرض مناخ عذب بامتياز وأنها أيضا تحتفظ في داخلها باحتياط من الذهب قد يفوق بكثير وكثير ذلك الذي تعود عليه المنقبون في مناطق مثل تازيازت وغيرها
بيد أن فاتورة استخراج الذهب هذه المرة لن تكون مجانية هيهات بل ستكون صعبة وباهظة الثمن وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم .
وبما أنه لايمكن لأي مواطن الإستغناء عن دولته وعن خدماتها خصوصا تلك الضرورية كان من المفترض أن تكون دولتنا حاضرة في ظروف الشكات الصعبة مع مواطنيها وأن تكون خطوات المنقبين مصحوبة بدعم وتشجيع من رئيس الدولة مباشرة سيما وأن هذا الدعم المنشود ليس مجانيا فمن المعلوم أن أول من استفاد من تواجد المنقبين في الشكات هو النظام الذي حصد منهم فاتورة تقدر بمليارين قبل التوجه إلى عين المكان لكنه للأسف وقف عاجزا عن توفير الخدمات الأولية لهم وهم في أمس الحاجة إليها !!
إذا كان الماء يُعتبَر أولوية الأولويات وضرورة الضرورات بل هو عصب الحياة فأنت لن تصدق قولي إذا قلت لك أن الماء يكاد ينعدم أو يكاد يكون مستحيلا في منطقة الشكات أو أن دونه خَرط القَتاد !
فمن أجل الحصول على الماء في الشكات عليك أن تمتلك سيارة رباعية الدفع وأن تسابق الزمن فجرا وتقطع مسافة 50 كلومترا داخل منطقة عسكرية مغلقة لتصل باكرا إلى الحنفية ( صونداج ) الوحيد الموجود في الشكات كلها وقبل الولوج إليه لابد من المرور بثكنة عسكرية وبعد الإذن سيتم تسجيل رقم سيارتك ويسمح لك بالدخول لتنضم بعد ذلك إلي طابور من السيارات ينتهي عند مد البصر ويصل كل يوم إلي مائة سيارة ولا يسمح بالزيادة ، رحلة البحث عن الماء هذه قد تبدأ من الخامسة صباحا والمحظوظ من عاد منها عند منتصف النهار ‘ والمضحك المبكي أنه في بعض الأحيان وبعد وصولك إلى عين المكان قد لا يتسنٌَى لك الحصول على الماء بسبب نفاد الوقود في المُوَلٌِدِ فستصبح مضطرا إلى إعطائهم الوقود من خزان سيارتك كي لاتخسر الوقت وتعود بخفٌَيْ حنين . فبالله عليك تصور معي في وضع كهذا كيف للفقراء والضعفاء ومن لايملكون سيارات رباعية الدفع أن يحصلوا على الماء الذي لايمكن العيش دونه !!!
من هنا سنفهم جيدا أن المنقبين كانوا أمام خطر حقيقي وكارثة حتمية لولا أننا نعيش فصل الشتاء حيث البرد القارس وحيث تقل الحاجة إلى استخدام الماء
ويبقى السؤال المطروح لماذا هذا الإهمال والغياب والتجاهل والتلاعب بأرواح المواطنين خصوصا إذا علمنا أن الأمر لايتطلب سوى مَدٌ أنابيب ببساطة شديدة وفي غضون يوم أويومين إلى أكبر تواجد للمنقبيبن حيث سيتوفر الماء و نتجاوز الخطر ويتم تقريب الخدمات من هؤلاء ؟
وعندما نتحدث عن تقريب الخدمات الأولية من المواطن أينما حل وارتحل فلن يصدق أحد منكم أن النظام عجز عن توفير شبكة اتصال لهذا الكم الهائل من البشر فمن أجل مكالمة هاتفية من وإلى الشكات عليك أن تمتلك هاتف الثريا أو أن تقطع 80 كيلومتر حتى تصل منطقة اكليب اندور
ولن يصدق أحد أن الدولة تجاهلت هذا الكمٌَ الهائل من البشر وضربت عرض الحائط بظرف صحي عالمي متميز وفي برد قارس فلم تفكر في توفير رعاية صحية لهؤلاء ولو على الأقل مستوصفا صحيا متنقلا يقدم خدمات وإسعافات أولية وسيارة إسعاف واحدة للحالات المستعجلة !!
من تأمل هذا الواقع المخجل لامحالة سيسأل أين الدولة ؟ وأين رئيس الدولة ؟وهل نحن فعلا نعيش في دولة أم داخل غابة ؟
إن مايجري في موريتانيا من تهميش للمواطن ومن احتقار وتغيب وحرمان وتلاعب هو عمل ممنهج يبعث على الأسى والقلق ويشي بمستقبل مجهول يسوده الغموض وتعمه الضبابية
الجدير بالذكر أن الدولة الغائب الحاضر اتخذت من هذا المنقٌِب المسكين الذي لايتلقى منها أبسط خدمة اتخذت منه بقرة حلوبا فبالإضافة إلى المليارات التي تم حصدها من جيوب المنقبين قبل الإنطلاقة هاهي معادن موريتانيا في ازويرات وبكل وقاحة تختلس من جيوب المنقبين حوالي مليونين أوقية كل يوم مقابل لاشيئ وذلك بعدما فرضت 300 أوقية علي كل خنشة ( أزكيبَ من لحجار ) تدخل ازويرات قبل إنزالها من السيارة ويقول المطلعون على الشأن أن حوالي خمسة عشر شاحنة تحط في ازويرات كل يوم تقريبا وأغلبها تقدر حمولته ب 350 خنشة ( ازكيبَ) والعملية الحسابية واضحة ومتاحة للجميع ، ولا تتوقف حلقات مسلسل استنزاف جيوب المنقبين عند هذا فحسب حيث يقول البعض أو يعتقد أن معادن موريتانيا ستفرض جباية على الآبار التي بدأت تستخرج ولو قليلا من الذهب فياترى بأي وجه وأي حق يتم استنزاف جيوب هؤلاء المنقبين ؟ وأين ستذهب هذه الأموال ؟ وماهي الخدمات التي قدمتها أو ستقدمها معادن موريتانيا مقابل ما أخذته وتأخذه من فقراء ضعفاء يبحثون عن قوتهم اليومي بعرق الجبين وكد اليمين في صحراء أوفي بيداء جرداء ؟
كان الله في عون الشعب الموريتاني . وتحياتي لمعادن موريتانيا ، وقبٌَعتي لولد احويرثي . وسلام على غزواني .
اسلامة امود ديد
من صفحة اسحاق الفاروق
: