لا شك أن العالم على شفير إخفاق أخلاقي كارثي، إذا استمرت الدول الكبرى في الاستحواذ على أغلب إنتاج اللقاحات المضادة للفيروس، فما يحدث من كارثة صحية في تونس، الجزائر، ليبيا، العراق، نتيجة نقص تحصين الأشخاص، تعيد للواجهة موضوع العدالة في توزيع اللقاحات بين الدول الغنية والدول النامية، وفقدان معالم الإنسانية، حيث إن البلدان منخفضة الدخل، لم تتلقَ من لقاحات «كورونا» سوى نسبة ضئيلة في الوقت، استحواذ البلدان الغنية على الجزء الأكبر من جرعات اللقاحات المضادة لكوفيد، وهذا غير مقبول أخلاقياً وغير فعال، من وجهة نظر الصحة العامة، ضد فيروس يصيب الجهاز التنفسي، ويتحور بسرعة، ويتمكن من الانتقال من إنسان إلى آخر، بفعالية أكبر إلى أي بلد.
الدول السبع الكبرى، احتفظت بأكثر من ثلث إمدادات اللقاحات في العالم، رغم أنها تشكل 13 في المئة فقط من سكان العالم. فالمسؤولية هي في جميع الحالات، ملقاة على عاتق هذه الدول، التي خالفت وعودها في ضمان استفادة الجميع من التحصين، فيما تدفع الدول النامية ثمن هذا الإخفاق، بخسائر في الأرواح، حيث بات الوباء أكثر شراسة في شمال أفريقيا، التي تواجه مصيرها وحدها، في غياب الإمكانات، بالرغم من أن ساكنة كوكب الأرض، تعيش في سفينة واحدة، ما يستدعي الابتعاد عن الأنانية، وأن تدرك دول العالم مسؤولياتها الأخلاقية نحو هذه المنطقة، في ظل مشترك الإنسانية.
لماذا تتجاهل الدول الكبرى حقيقة الوضع، أن العالم أن أمام وباء لا يميز بين الدول المتقدمة وأخرى نامية، جميع دول العالم معنية بشكل حتمي وفوري، فالمصير واحد، والثمن يدفعه الجميع، ما لم ترتقِ لمستوى التحدي الإنساني، والاصطفاف في معركة واحدة، موحدين، بالرغم من اختلافنا في الرأي وفي الإمكانات.
وغني عن القول، إن الطاقة التضامنية تعيد البهاء إلى القيم المتأصلة في المجتمع المدني، حيث إنه من الضروري تصحيح المعادلة بإنهاء الأنانية، وجعل التعاون الدولي المشترك، حجر الزاوية التي يتأسس عليها.
بقلم/ ليلى بن هدنة