الزهرة انفو ـ يقاس وعي الشعوب ورقيها بقدر تعلقها بأوطانها، والحرص على الذود عنها، والارتماء في احضانها بعيدا عن الانتماءات الضيقة، والتوجهات الاحادية.
ومما لا شك فيه أن وطننا الغالي والذي جاء الى الوجود في ظروف اقل ما يقال عنها بانها صعبة ومعقدة، فرغم اهمية النشأة– الاستقلال السياسي- فان طبيعة التأسيس ومرتكزاته ظلت عصية على التجاوز بفعل اكراهات بادية للعيان. وفي كل مرة تأتي محاولات مختلفة، ولعل بعضها كان صادقا مبدئيا لكن الظروف قد لا تسعفه، فكثيرا ما تصطدم تلك الرؤى ببعض المعوقات التي تجابهها وتضطرها للتراجع الى الوراء. ومن تلك العوائق المد القبلي والاحتضان في احضان القبيلة واخواتها..........باعتبارهن السبيل الاوحد للتمكين، والتقدم وظيفيا و اقتصاديا و سياسيا...........وفي لحطة مفصلية من تاريخ امتنا المجيدة ووطننا الغالي جاء خطاب وادان والذي نعتقد– وبحق- انه من الموضوعية والاحساس بالمسؤولية والوطنية لدى مختلف النخب المثقفة والواعية بمختلف مشاربها و توجهاتها ان تكتب و تقف بكل احترام و تقدير لما صدر عن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزوانيفي مهرجان مدائن التراث عندما قال ".... كما ادعوهم جميعا الى الوقوف في وجه النفس القبلي المتصاعد هذه الايام.............."
لقد كانت هذه العبارة التي جاءت في خطاب عام بمحاورمختلفة رسالة من نوع خاص كتلك التي تحمل مضمون "اياك اعنى واسمعي بإجارة.." فالمستهدف هو شعبنا الابي أن كفاكم تعلقا بالخاص، والضيق، و المحدود، ففضاء الدولة الارحب يتسع للجميع، والاهتمام بغيره سيكون على حسابه، وهو ما ينبغي تجاوزه من اليوم لمن قرروا بمحض ارادتهم ان يكونوا جزءا من وطن قوي موحد و مزدهر.
ان على الجميع( نخبة و عامة شعب من كل اطيافه وتوجهاته) ان يشكل حاضنة قوية لتلك التوجهات بان يشيد بها و يقويها فعائدها للجميع ايا كان تواجده المادي و تخندقه السياسي من منطلق أننا جميعا انما نتنافس في فنيات بناء الوطن، والتي لا يمكن أن تأتي ممن تتقاسمه الولاءات التقليدية و في مقدمتها القبلية و اخواتها.. ...و اختم بالوصفة التي تقدم بها فخامة رئيس الجمهورية كالية تطبيقية لما سبق بيانه، وكمقاربة جديدة تعتمد الحلول بعد الانتهاء من تشخيص المعضل عندما قال "....كما ان الدولة لن ترتب حقا او واجبا على أي انتماء الا الانتماء الوطني..." ان تلك العبارة بما تعني من دلالات اسناد للأمور لأصحاب الكفاءات من ابناء الوطن المشحونين بحبه و الاخلاص له و الغيرة عليه، تلخص الكثير، وتجعل بلدنا يربح شعبه، وتقدمه، ويحجز لنفسه مكانا متقدما بين الامم القوية و تلك لعمري هي موريتانيا التي نريد.
الدكتور: محمد سيد أحمد القروي فارس من نظام الاستحقاق الوطني
أستاذ القانون الجنائي، وعلم الاجرام
خبير محلف لدى المحاكم الموريتانية في مجال اجرام الاطفال
باحث في قضايا الارهاب و الجريمة المنظمة
مهتم بقضايا المرأة