بداية الحديث سيكون عن واقع الإعلام العراقي المُتخبط والغارق في الفوضى وصراخ المسؤولين وعويلهم المتباكي بدموع التماسيح على مصالح المواطن وحقوقه وهو مايتطلب وجود إعلام حقيقي يُبنى على نظريات إستراتيجية غايتها البحث ماوراء الخبر ومقاصده وليس دكاكين لبيع الإسفاف والتفاهة.
أشرنا في هذه المقدمة الموجزة إلى إعلامنا الباحث عن الصراخ والأخبار الصفراء والحمراء وأصحاب التفاهات والفشل لكنه لم ينتبه أو على الأقل يُثار فيه ذلك الفضول للتقصي عن الكثير من الأخبار والأحداث وماورائها تلك التي تحدث لدول هي مجاورة للعراق.
في حديث يحمل في طياته الكثير من المتغيرات والتوقعات الجيوسياسية تلك التي سيحدثها التنين الصيني بعد أن وصلت مخالبه إلى منطقة الخليج العربي وإستقرت فيه لتفعيل علاقة الصداقة الأستراتيجية بين الصين والسعودية في حدثٍ قد يقلب موازين القوى خصوصاً وإن هذه العلاقة سيتم تفعيلها في ملفات عسكرية مهمة منها تجهيز السعودية بصواريخ بعيدة المدى وأخرى دفاعية بحرية حسب ما أشارت اليه بعض المصادر الخليجية بعد أن أدرك هذا البلد الخليجي أن ترسانة امريكا للتسلح لن تكون أبوابها مفتوحة دائماً وإن مساحات الدعم العسكري لن تكون إلى مالانهاية .
قد يكون هذا الخبر عادياً بالنسبة للكثيرين من صُنّاع الخبر في الفضائيات العراقية لكنه غير عادي بالنسبة إلى المُهتمين والباحثين ماوراء الخبر لأنه يحمل بين طياته الكثير من المعاني والمتغيرات المستقبلية في منطقة الخليج العربي خصوصاً وإن هذه المساحة الجغرافية لطالما كانت تحتفظ بعلاقات إستراتيجية وثيقة مع أمريكا والتي كانت تُعتبر الراعي الرسمي لكل المشاريع والإتفاقات الإقتصادية والعسكرية في المنطقة.
بالمحصلة أدركت تلك الدول ماستحدثه هذه الإتفاقات من خير وفير لمصالحها وماسيحدثه ذلك التنوع في المصادر، وذلك هو فن السياسة الذي أتقنوه في أن يكون من أول أبجدياتها أن لاصديق دائم ولا عدو دائم وأنما مصالح مشتركة.
نعم مصالح مشتركة أيها السياسي العراقي (النائم في العسل أو البصل لايهم) لأنه من سخريات الزمن أنه وهبنا سياسيين جهلة إذ لو كانوا عكس ذلك أو على الأقل يُجيدون تلك اللعبة لأدركوا ولو قليلاً أن العراق يحتاج إلى حلفاء يمتلكون القدرة والمقدرة والمنافع المشتركة التي تجعل إقتصادنا قوياً بالتعاون مع هؤلاء الشركاء دون اللجوء إلى الصغار أو الوهميين.
خطأ السياسي العراقي أنه لايعرف ماذا يريد بل ربما يعرف ولكنه لايريد، لأن الإتفاقات والمصالح والتخادم المنفعي المشترك بين الدول يبنيه متمرسين يعرفون جيداً ماذا يريدون وليس صبيان أو بيادق لايهمهم سوى المغانم والمناصب.
لم يفهموا الدرس جيداً، لم يتعلموا لغة المصالح المشتركة بل ظل السياسي ممزوجاً بصراخه وعويله وتشكيه وتغليب مصلحة حزبه وعائلته على بلده.
هاهي دول الخليج تبدأ صفحة جديدة للإتفاق الستراتيجي مع الصين وتعيد ترتيب مصالحها حسب الأولويات قبل فوات الأوان إلا العراق ذلك البلد المتخبط في سياساته وقوانينه وحكامه وهو تخبط ربما يكون مقصوداً لنبقى في سحيق الوادي وقعر التخلف والتبعية وبراثن الخيانة.
نقلا عن رأي اليوم