كنت في حديث مع أحد الساسة الكبار، وقادة الحزب الحاكم، الحديث كان وديا يراوح بين التلقائية والعمق، تطرقنا خلاله لمواضيع عديدة ومتنوعة..
نقلت إلى محدثي استغراب معظم متابعي المشهد السياسي من الاستقالة شبه الجماعية للجناحين الإعلامي والسياسي للنظام، و نفورهم من لعب أي دور يذكر في الدفاع عن نظام هم واجهته المفترضة وموجه مساره..ولم أرد أن أصل بالأمر حد الحديث عن الترويج للنظام ولا لسياساته..
لكن محدثي قاطعني بتلقائية واندفاع غير مسبوق ضاحكا ملء فاه: معظم الساسة يخافون الوسائط الاجتماعية ويهربون من الظهور في مواقف قد لا تناسبهم، وقس عليهم جل الصحفيين!
سألت محدثي، لا تناسبهم كيف؟ أليسوا جزءا من هذا النظام و يقتضي منهم الواجب السير في كل ما من شأنه خدمته، و عليهم تقع مسؤولية تقريب سياساته وتبسيط خطابه و ذكر "منجزاته"..
قال محدثي وهذه المرة بابتسامة صفراء: نعم، المفترض أن يكون الأمر كذلك، لكن الواقع شيء آخر؟!
في السياسة، الدفاع عن الأنظمة يجب أن يكون سببا للحصول على بعض المزايا والامتيازات، لأنه لاشيء بالمجان سياسيا.. ولأن كل الأنظمة السابقة كانت تتبع نفس أساليب التحفيز و التقييم الإيجابي لنشاطات ساستها وإعلاميها، والحال عندنا يختلف..!
ورد إلى ذهني سؤال فوري؛ إذا ما رأيك في ما يقوم به نائب رئيس الحزب الخليل ولد الطيب؟ ضحك الرجل وشهق ومد ساقيه، وقال الخليل رجل مبدئي وربما يكون من الاستثنائات القليلة التي تمارس السياسة بموجه انتمائي صادق..!
لكنك بسؤالك هذا اختصرت علينا طريقا طويلا ووضعت حدا لحديثنا، وعليه دعني أسألك ما الذي استفاد الخليل، رغم حرقه لكل المراكب دعما ودفاعا وتبريرا؟
لقد خذلوه ولم يقدروا جهده وأضاعوه، فأصبح يواجه سخط الشاريع وشطط الإعلام، وهو الآن يتذيل قائمة المستفيدين من النظام إلم أقل بترؤسه قائمة المحرومين من كل المزايا..!
وربما تكون حالة الخليل بالذات هي السبب وراء عزوف الساسة والإعلامين عن القيام باللازم اتجاه النظام.. لقد خذلوه، ونحن كساسة نكره الخذلان.