الزهرة انفو / فعلا في هذه العشر الفضيلة، ليس الوقت مناسبا لتوجيه النقد وكشف الأخطاء وبيان الإختلالات المتسارعة لمنظومتنا التربوية التي بلغت ذروتها في النتائج الكارثية لجميع الإمتحانات الوطنية و أكبر شاهد علي ذالك أن ثلاثة أرباع مترشحي مسابقة دخول السنة الأولي إعدادية في ولاية الحوض الشرقي لم يتجاوزو عتبة 70 نقطة من مجموع 200!
ملاحظات القراءة الأولية لنتائج الباكلوريا تؤكد أن العملية التربوية لدينا مختلة و رديئة و متخلفة للغاية و محتواها المعرفي هزيل و بائس. و إن عملية التصحيح سادتها فوضي عارمة و إرتجالية، وإنتقائية و عشوائية و زبونية إلي حد فاضح و مؤسف لا يمكن السكوت ولا التستر عليه تحت أي ذريعة. علي سبيل المثال لا للحصر:
– بدت المواضيع علي العموم خارج سياق المألوف و كأن هنالك نية مبية للتعجيز أو علي الأقل لإرباك المترشحين في الوقت الذي تحدث فيه بعض المراقبين عن إحتمال حصول تلاميذ بعض المدارس علي معلومات دقيقة حول المواضيع (délit d’initié ) مما أخل بمدأ تكافأ الفرص؛
– كانت عملية الرقابة دون المستوي فاتحة الباب لشبكات الغش المنظمة و المؤطرة لتنفيذ خططها المحكمة و المدبرة مسبقا ضاربة بأرض الحائط مصداقية الإمتحان و مبدأ تكافأ الفرص؛
-أظهرت النتائج محدودية “نموذج الحل” خاصة بالنسبة للمواد العلمية و في ظل الزج بالعديد من الأساتذة غير الميدانيين وفي بعض الأحيان من غير ذوي الإختصاص ضمن طواقم المصححين
– دلت العشرات من الحالات المشبوهة لمترشحين حصلوا علي درجات عالية في اثنتين من المواد الأساسية و اندثرو في الثالثة علي أن هنالك إحتمال تلاعب بالمعطيات في ظل إنعدام إجراءات إستباقية من طرف لجان الإشراف و الصياغة للتدقيق في تناسق البيانات و إتخاذ القرارات التصحيحية الضرورية قبل الإعلان عن النتائج.
مقارنة نسبة النجاح في النتائج المعلنة حوالي 12% مع النسب في دول الجوار تظهر إخفاق العملية و عبثيتها:
– الجزائر 86%
– المغرب 66%
-تونس 53%
– السينغال 45٪ (2021)
في هذه الظروف و أكثر من أي وقت مضي يبدو أن مستقبل آلاف من شبابنا بل مستقبل البلد كله في خطر و علي السلطات العليا و النخبة وجميع الخيرين دق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان لا قدر الله. إلا أن المؤشرات الأولية و المتمثلة في الإقحام الرسمي للسياسة في قلب المنظومة التربوية لا يبشر بخير.
“إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب” سورة هود الآية 88
د. زكريا ولد أعمر