يلزم القرآن الكريم المسلم بالقيام بواجبات وفرائض تدخل في إطار عقد التزامه بالإسلام كمسلم.
ويقول الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابه “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي” أنه قد تربت أجيال ونشأت على تعليم أركان الإسلام بأنها تنحصر فقط في «النطق بالشهادتين وتأدية الصلاة والزكاة والصوم والحج»، إذ اعتبروها إسلامًا في حد ذاتها.
وليس في المبادئ التي تدعو إليها، ولم يكلف العلماء- الذين روَّجوا وادعوا اختزال الإسلام فيما أسموه بالأركان الخمسة أنفسهم مشقّة تبيان الأركان الحقيقية للإسلام الذي تضمنته آيات القرآن الحكيم. إنَّ كلَّ ما فعله دعاة الإسلام وشيوخه الأقدمون وقاموا به أنّهم نقلوا إلينا مفاهيم وتأويلات فقهية واجتهادات بشرية حوّلت الوسائل التي هي الشعائر وجعلتها غايات، فالتبس الأمر وغاب عن الناس أصل الدين ومقاصده العليا، تلك التي يدعو إليها القرآن، والتي تجسّد في حقيقتها الإسلام الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام والأنبياء من قبله بما شملته الرسالة من تقويم للفرد وبناء شخصية المسلم بمجموعة من الأخلاق والفضائل والقيم النبيلة لخلق مجتمعات مسالمة يتحقق فيها العدل والرحمة والحرية والتعاون فيما بين أفرادها ويتمتعون بما منحهم الله سبحانه من نعم مختلفة من زروع وثروات متعددة ليعيشوا في رغد من العيش وتوافر الرزق والحياة الكريمة، يعمها الأمن والرخاء والسلام فقد وعدهم الله سبحانه اذا اتبع المسلمون أوامره فقد وعدهم بقوله (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون ) فصلت (30).
ويخلص المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي للقول إنه لا عجب إذن ولا غرابة في أن نجد المسلمين اليوم يفتقدون كثيرًا من الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية، فنرى غالبية المسلمين ممَّنْ يصلّون ويصومون ويحجون، لكن سلوكهم ليس من الإسلام في شيء ذلك لأنَّهم شبّوا على الاعتقاد الخاطئ، بأنَّ الطقوس أو الممارسات التعبدية هي الغايات والأهداف، أما الأخلاق والمبادئ والقيم الإنسانية العليا فليست من الأركان أو من الأصول الإسلامية.
ولم يخرج حتى يومنا هذا مَن يطلقها جلية واضحة صريحة ويعتمدها في مقرَّرات التعليم، ويعلن بصوت مسموع أنَّ الشعائر الدينية وسيلة لأجل هدف وغاية سامية ترتقي بالفرد لمصاف الإنسانية العليا، تلك التي ينشدها هذا الدين من تقويم لشخصية الفرد ليكون عضوًا صالحًا في المجتمع يساهم في كل ما ينفع الناس ويصلح حالهم تربى على الفضيلة والخلق النبيلة التى يدعو اليها الخطاب الالهي فى كتابه الكريم .
جملة الممارسات والشعائر التعبدية من صلاة وصيام وزكاة وحج، هي في الأساس وسائل تدفع بالإنسان إلى الوصول إلى الإسلام.. الذي هو جملة الأخلاق التي جاء بها القرآن، ودعا إليها النبي عليه الصلاة والسلام والأنبياء من قبله.
وحسب رؤية المفكر فإن العبادات التي فرض الله على المسلمين، ليست الصلاة والزكاة والصوم والحج فقط، بل إن حسن التعامل مع الجميع عبادة، وقيام الشخص بواجباته تجاه أسرته ونفسه ومجتمعه ودولته عبادة أخرى من أهم العبادات.
الإسلام منظومة تعبدية كاملة تدخل كل التصرفات في إطار العبادة فيها