الزهرة أنفو: مساء يوم الجمعة الماضي شهد المستشفى الوطني حادثة نادرة تظهر عظيم حكمة الله، وتبين لنا أن في طيات كل مصيبة رحمة كامنة لا تُدركها العقول ببساطة.. في مدينة نواكشوط كانت فرق الطوارئ (SAMU) تنهمك في إنقاذ الأنفس، حيث أوصلت مريضا مسجى بدمائه إلى المستشفى الوطني بعد تعرضه طعنات قاتلة في البطن، قد ضاقت به الأرض بما رحبت، ورجاؤه في الله وحده.. عُولِج المريض بما تيسر من علم وطب، وأُعِدَّ للدخول إلى غرفة العمليات، إذ كان النزيف شديدا والأمر مستعجلا، وكان في قلب الجراح سعيد أعمر شين وفريقه وجلٌ مما ستحمله اللحظات القادمة.
وبينما كان الفريق منهمك في عمله، اكتشفون أمرا جللا، أمرا لم يكن في الحسبان وهو أن الجروح التي حملها المريض كانت تخفي شيئا أكبر وأعمق.. أثناء محاولة إيقاف النزيف الداخلي وإغلاق الجروح، اكتشف الفريق الجراحي أن المريض كان مصاب بالتهاب المرارة (cholecystite multilithiasique) وهو أمر كان مجهولا تماما.. هذه المرارة كانت مليئة بالحصوات، وحالها كان خطيرا لدرجة أن أحد الطعنات قد أفضت إلى ثقب فيها، مما تسبب في تدفق الحصوات داخل تجويف البطن.. كانت هذه اللحظة مليئة بالعجب، فالمريض لم يكن فقط يواجه طعنات الغدر، بل كان يقاوم صراعا داخليا خفيا.
قرر الجراح Said Amarcheine استئصال المرارة، في إجراء لم يكن متوقعا ولا مخططا له، ليجمع بين جراحتين في آن واحد.. كان هذا من أندر ما قد يُبتلى به إنسان، حادثة تندرج ضمن صدمات البطن (traumatisme abdominal) التي قلما يتعرض لها البشر.
وبفضل الله، وبعد أن أدت الأيدي عملها، نجا المريض من محنته، وكُتبت له حياة جديدة.. لنقف متأملين في حكمة الله، فقد خرج المريض من تلك الليلة بسلام، سليم الجسد، سليم الروح بفضل الله ثم بفضل التدخل الاسعافي في وقته وفطنة ومهارة الفريق الجراحي.. ولعلها تكون هذه أول حادثة من نوعها تسجل في سجلات المستشفى الوطني، لتكون شاهدا على أن الله لطيف بعباده، وأن رحمته تأتي في الوقت الذي لا يتوقعه أحد.
عبد العزيز الظمين