قرار وقف الابتعاث في موريتانيا.. هل يلبي طموحات الطلاب أم يحد من فرصهم؟

أربعاء, 28/08/2024 - 07:36

الزهرة أنفو : تلاشت أحلام الشاب عبد القادر محمد عبد الله شامخ، طالب الشعبة التقنية في الباكلوريا، في لحظة تلقيه قرار وزارة التعليم العالي في موريتانيا بوقف ابتعاث الطلاب المتفوقين للدراسة في الخارج.

عبد القادر، الذي كان يحلم بتحقيق طموحه في الدراسة في الخارج، كان يتطلع إلى إكمال دراسته في جامعة مرموقة بعد أن أظهر تفوقاً في دراسته، لكنه يجد نفسه الآن أمام واقع مرير.

يقول عبد القادر في تصريح لصحراء ميديا إن مستقبله كان يتخيله في تلك الجامعات العريقة، وأنه كان يأمل في تحقيق حلمه بالتعلم والتطور خارج البلاد.

ولكن الآن، يبدو أن كل تلك الأحلام تلاشت بين لحظة وأخرى. “أنا أشعر بالحزن والإحباط”، يضيف عبد القادر.

قرار الحكومة وأسبابه

أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن وقف ابتعاث الطلاب الناجحين في الباكلوريا للدراسة في الخارج، مع اقتصار الابتعاث على مرحلتي الماجستير والدكتوراه فقط.

وأوضحت الوزارة أن هذا القرار يأتي ضمن استراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز استقلالية التعليم العالي الوطني وقدرته على استيعاب جميع الناجحين في الباكلوريا، والتي بلغت نسبتهم 98.5% في السنة الجامعية الماضية.

وقالت الوزارة في بيانها إن هذا الإجراء يعكس التقدم الملحوظ في نظام التعليم العالي في موريتانيا منذ عام 2019، والذي شهد زيادة في عدد المؤسسات التعليمية وتوسيع قدرتها الاستيعابية، وتحسين الظروف الدراسية للطلاب.

وأضافت أن هذا التقدم يساهم في تعزيز فرص تشغيل الخريجين وتطوير الكفاءات الوطنية. وتهدف الوزارة إلى توفير فرص تعليمية متميزة لنسبة 1.5% من الطلاب المتفوقين، الذين سيتم توجيههم للحصول على تكوين أعلى جودة وأقل تكلفة محلياً، بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل الوطني.

ردود فعل مستاءة

أثار القرار موجة من الاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره العديد من الموريتانيين ضربة لطموحات الطلاب، خصوصاً لأولئك الذين كانوا يعتمدون على الابتعاث لتحقيق أحلامهم الأكاديمية.

واعتبر مدونون أن هذا القرار قد يكون جائراً ويستهدف الفقراء، الذين كانوا يرون في فرصة الدراسة في الخارج سبيلاً لتحقيق تطلعاتهم وتغيير مستقبلهم.

في هذا السياق، قال باب الدين العباس في منشور على صفحته في فيسبوك إن قرار وقف ابتعاث الطلاب المتفوقين في الباكلوريا للدراسة في الخارج هو تحطيم لمواهب أبناء الفقراء!.

فيما وصف يوسف عبد الرحمن قرار الحكومة بغير الموفق، مؤكداً في تدوينة أن هذا الإجراء يضر بالنظام التعليمي ويؤثر سلباً على الطلاب.

وقال عبد الرحمن: “نظام التبادل الثقافي معتمد لدى أغلب دول العالم، ومن حسنات المنح الدراسية خارج الوطن أنها تتيح للطلاب فرصة الاحتكاك بثقافات أخرى والاستفادة من تجارب تعليمية متنوعة”.

إصلاح التوجيه

من جهته، قال المدير الأكاديمي لبولتكنيك محمد عالي لولي في مقابلة مع قناة صحراء 24 إن قرار وزارة التعليم العالي بوقف منح الابتعاث الخارجي للطلاب الناجحين في الباكلوريا تم تضخيمه.

وأضاف: “في العام الماضي، تم ابتعاث 162 طالباً من أصل 10 آلاف ناجح، وهو ما يمثل 1.5% فقط. هذا العام، ارتفع عدد الناجحين إلى 17 ألف طالب، وعدد المنح، الذي كان يبلغ 160 منحة، لا يتجاوز واحداً في المئة”.

وأشار لولي إلى أن الوزارة تسعى إلى تحسين استيعاب وتكوين 99% من الطلاب محلياً.

وأوضح أن القرار لا يعني التقليل من قيمة الـ160 طالباً المتفوقين، خاصة في شعبة العلوم، لافتاً إلى أن المتفوقين في شعبة الرياضيات لم يحصلوا على منح منذ عشر سنوات.

وشدد المدير الأكاديمي لبولتكنيك على أن معظم الطلاب الممنوحين العام الماضي توجهوا لدراسة تكوينات متوسطة لا تتناسب مع مستوى تميزهم في الباكلوريا.

ولفت لولي إلى أن الوزارة ترى أن الدراسة في الجامعات المحلية، لاسيما للـ40 طالباً الذين كانوا يُبتعثون عادة لدراسة الطب في الخارج، تعد الأنسب لمصلحتهم.

وتابع: “وفقاً لشهادات المؤطرين والطلاب، فإن دراسة الطب في موريتانيا تقدم جودة أعلى مقارنة بالدراسة في الخارج”.

واعتبر لولي أن قرار الوزارة يعزز مصلحة التعليم المحلي، حيث تم توجيه الـ40 طالباً المتفوقين في شعبة العلوم لدراسة الطب في جامعة نواكشوط، التي تم توسيع قدرتها الاستيعابية لتستوعب 400 طالب بدلاً من 208 في العام الماضي.