بين الفوضى و النظام رحلة الشرطة نحو شوارع أكثر أمانا…

جمعة, 18/10/2024 - 07:20

الزهرة أنفو: في الطريق، في السيارة أو الباص أو سيرًا متجهةً إلى أي مكان، أجد نفسي وسط مسرح من الفوضى المرورية. السائقون والمارة يتحركون وكأنهم في عالم منفصل، لا قواعد تجمعهم ولا نظام يوحدهم. بعضهم يسرع، وآخرون يتوقفون فجأة، وبعضهم الآخر يمشي في وسط الطريق، ومجموعة أخرى جالسة تبيع أو نائمة على ناصية الطريق… وكأن الشارع بات ساحة للفوضى المطلقة، يلتقي فيها العشوائي مع العاجل والمتردد، والبائع، وكأن كل واحد منهم يعتقد أن الشوارع ملك له وحده.
وسط هذه الفوضى التي تدور طوال النهار، هناك رجال الشرطة الوطنية، يقفون تحت أشعة الشمس الحارقة، يحاولون بلا كلل أن يعيدوا بعضًا من النظام إلى الشوارع. قد لا نلاحظ جهدهم في خضم العشوائية، وقد لا يلتفت الكثيرون إلى دورهم العظيم، .. لكن الحقيقة هي أن هؤلاء الرجال يقومون بمحاولات جادة لإصلاح ما يبدو للبعض غير قابل للإصلاح. إنهم يحاولون تغيير الواقع خطوة بخطوة، وتنظيم السير بوسائل بسيطة لكنها مؤثرة، حتى وإن كان بطيئا. هناك إشارات مرورية جديدة، وطرقات باتت أكثر تنظيمًا، وإجراءات أكثر صرامة بحق المخالفين. كل هذه الخطوات هي جزء من تغيير أكبر يهدف إلى خلق بيئة مرورية أكثر أمانًا ويُسرًا. لكن هذا التغيير لن يكتمل ما لم يغير المواطن أيضًا من سلوكه بالالتزام بالقواعد، واحترام الإشارات، والتعاون مع رجال الشرطة – بدون غضب أو تنمر – فهو ليس مجرد اتباع للقوانين، بل هو جزء من مسؤوليتنا المشتركة في بناء مجتمع آمن ومنظم.
نحن، السائقون والمشاة، غالبًا لا ندرك أي تغيير لأننا تعودنا على الفوضى. البعض منا قد لا يكون مقتنعًا بأن التغيير ممكن أو أن الجهود الجديدة المبذولة ستؤدي إلى نتائج ملموسة، والبعض الآخر، وهو الأغلب، لا يكترث لأي أمر. لكن الحقيقة هي أن التغيير لا يأتي بين يوم وليلة، خصوصًا في مجتمع تغوص عقوله في العشوائية منذ نشأة بلاد السيبة حتى أصبحت نمط حياته.
رجال الشرطة هؤلاء، الذين نراهم يوميًا دون أن نلقي لهم بالًا، يبذلون جهدًا حقيقيًا لتحسين الأمور. مع أن تغيير سلوك السائقين والمشاة أمر محير، قد لا يكون من الممكن إحداث تغيير فوري لأن رخصة السياقة أخذت غالبًا بدون اتباع القواعد.
قد نشعر أحيانًا أن الفوضى هي الخيار الأسهل، وأن التغيير أمر صعب أو مستحيل. لكن الحقيقة هي أن كل خطوة نحو النظام، مهما كانت صغيرة، تحدث فرقًا. وعندما نلتزم جميعًا، سنشعر بأن الشوارع أصبحت أكثر أمانًا، وأن حياتنا اليومية باتت أسهل.
لذا، دعونا نمنح رجال الشرطة التقدير ونتخلى عن التنمر ونبحث عن الجانب الإيجابي من عملهم، وندرك أن جهودهم تصب في مصلحتنا. دعونا نكون جزءًا من الحل، لا من المشكلة. النظام في الشوارع هو انعكاس للنظام في حياتنا، وكلما تقبلنا التغيير، زادت فرصنا في العيش في بيئة أكثر أمانًا وتنظيمًا.
وهنا أهنئ الشرطة الوطنية على العمل الصعب والمعقد طوال النهار والتعامل مع مواطن عشوائي ومتعصب. وعليه، أرى أن الحلول التدريجية المتخذة حاليًا ستساعد في إحداث تغييرات صغيرة قد تتراكم مع الوقت لتؤدي إلى تحسن في سلوك المشاة والسائقين، مما يسهم في تنظيم السير.

مريم اصوينع