تعد السيدة الأولى في أي دولة عادةً رمزاً من رموز القوة السياسية والاجتماعية، ويُتوقع منها أن تتسم بالكثير من الصفات التي تجعلها محط احترام واهتمام.
ومن بين الشخصيات التي تتسم بالعديد من هذه الصفات في موريتانيا، تبرز السيدة الدكتورة مريم بنت محمد فاضل ولد الداه، التي لا تُعد فقط سيدة أولى، بل نموذجاً يحتذى به في التفاني والإيثار والتضحية من أجل وطنها، بعيداً عن أي شكل من أشكال الشبهات أو التصرفات التي قد تُدنس سمعة الرموز الوطنية العليا.
لاشك أن الدكتورة مريم بنت الداه هي واحدة من الشخصيات البارزة في الساحة الموريتانية، وقد حظيت باحترام كبير سواء في الداخل أو الخارج بسبب مواقفها الإنسانية واهتمامها بالعديد من القضايا الوطنية، وخاصة تلك المتعلقة بالجاليات الموريتانية في الخارج.
وعلى الرغم من أنها تنتمي إلى أسرة مرموقة وتتمتع بتعليم عالٍ وسيرة ذاتية حافلة، فإنها اختارت أن تضحي بالكثير من أجل خدمة أبناء وطنها.
في لحظة مفصلية من حياتها المهنية، قررت الدكتورة مريم ترك منصبها كمستشارة في السفارة الموريتانية في الولايات المتحدة الأمريكية، لم تكن هذه خطوة سهلة، حيث كانت تشغل منصباً مهماً في الدبلوماسية الموريتانية في الخارج، وكانت تتمتع بموقع مرموق في الساحة الدولية، ولكن، وعوضاً عن الاستمرار في منصبها المريح، اختارت العودة إلى خدمة المواطنين الموريتانيين في الخارج الذين كانوا يواجهون صعوبات بالغة، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي مروا بها بسبب الأزمات الاقتصادية أو الاجتماعية.
هذه الخطوة النبيلة من السيدة الأولى مريم، ليست مجرد موقف بطولي إنساني فقط، بل هي تعبير عن تضحية حقيقية، فقد كانت على يقين أن دورها كان أكبر بكثير من مجرد وظيفة أو منصب، بل كان يتمثل في خدمة أبناء وطنها الذين يعيشون في المهجر ويتطلعون إلى الدعم والرعاية.
لم تكن السيدة الأولى الموريتانية كبقية السيدات الأول السابقات في البلد اللواتي قد يُعرفن بتوجهاتهن التقليدية أو ارتباطهن بأنشطة أخرى خاصة، بل كانت مريم بنت الداه تركز بشكل أساسي على قضايا الشعب والمواطن، وتسعى دائماً إلى تقديم الدعم لمواطنيها أينما كانوا.
لا يمكن أن يُنكر أي متابع لشأن البلد أن السيدة الأولى مريم بنت الداه تعد مثالاً نادراً للمرأة التي توازن بين مكانتها في القيادة الرفيع ودورها الإنساني، فهي لم تفضل البقاء في مكانتها السامية، بل اختارت تقديم التضحيات من أجل مصلحة وطنها وشعبه، ولم تقتصر جهودها على تقديم الدعم الاجتماعي والإنساني فقط، بل أيضاً كانت حريصة على أن تكون بعيدة كل البعد عن كل ما من شأنه أن يمس بسمعتها أو يعكر صفو موقفها الوطني، حيث كانت دائماً في صدارة الشخصيات التي تبقى بعيدة عن الشبهات، وتعمل على خدمة وطنها بصدق وإخلاص.
بذلك، تظل الدكتورة مريم بنت الداه رمزاً للمرأة الموريتانية القوية والملتزمة، التي تقدم نموذجاً يحتذى به في التضحية والوفاء للوطن، بعيداً عن الأضواء والشبهات، وستظل قصتها وتضحيتها مصدر إلهام للجميع وبرهانا على أن الإيثار والتضحية من أجل الآخرين هو الطريق الحقيقي لبناء مجتمع أكثر عدلاً وازدهاراً.