إلى السبد وزيرالعدل المحترم،/القاضي محمد ينج محمدمحمود

أحد, 08/12/2024 - 07:14

الزهرة انفو : بسم الله الرحمن الرحيم
إلى السيد وزير العدل
السيد الوزير
لأنّ دستور 1991 ظهر في فترة كانت مشكلة دول العالم الثالث فيها مشكلة حكامة ولأنّ من تمّ تكليفهم بصياغته يعرفون أنّ القضاء هو قطب الرحى في الحكامة الرشيدة نصّت المادة: 89 منه على مبدإ فصل السلطات الذي بموجبه لا يمكن لأيّ سلطة من السلطات التدخل في شأن أيّ سلطة أخرى أحرى التحكم فيها بينما نصت المادة: 90 منه على أنّ القضاة محميون في إطار ممارستهم لعملهم من جميع الضغوط التي يمكن أن تؤثر عليهم وجاء في المادة: 91 من ذات الدستور أنّ السلطة القضائية هي حامية الحريات الفردية ومجرد اسناد حماية الحريات الفردية لأيّ سلطة يفترض بشكل لا جدال فيه استقلال السلطة التي أسندت لها لأنّ هذه الوظيفة المهمة والخطيرة في آن واحد لا يمكن أن تقوم بها إلا سلطة مستقلة
السيد الوزير 
أنبّه سيادتكم إلى أنّ لفظ القاضي الوارد في المادة: 90 وعبارة السلطة القضائية الواردة في المادة: 91 تشمل جميع القضاة واقفين وجالسين ممّا يعني أنّ الحماية الدستورية من الضغط تشملهم جميعا وأنّ حماية الحريات الفردية مسندة لهم جميعا الأمر الذي يفترض عدم جواز تحويل أيّ منهم مالم يكن ذلك تلبية لطلبه أو مواجهة (لضرورة قاهرة للعمل) حسب نصّ المادة: 8 من ق ن ق ولا شكّ أنّكم أدركتم ممّا سبق أنّ آخر المادة: 4 من ق ن أ ق تتعارض مع الدلالة النصية للمواد: 89 و90 و91 من الدستور وبالتالي لا يجوز تطبيقها لعدم دستوريتها
السيد الوزير 
عندما أرادت فرنسا أن تقصر الحماية من العزل والتحويل على القضاء الجالس وتحرم منها القضاء الواقف نصّت على ذلك في الفقرة الرابعة من المادة: 64 من الدستور الفرنسي ولأنّنا لم نفعل ذلك فالحماية من العزل والتحويل شاملة عندنا لجميع القضاة جالسين وواقفين بل إنّ المدعي العام لدى المحكمة العليا لا تمكن إقالته من منصبه إلا بسبب التقاعد أو العجز عن ممارسته لوظائفه نظرا لأمور منها:
ـ أنّ نظرية الاختصاص الموازي تحول قيم الجمهورية والمواد الدستورية أعلاه دون إمكانية تطبيقها عليه 
ـ أنّ القانون يفسر صوب ما يعزز مبدأ فصل السلطات والتمكين لاستقلال القضاء
السيد الوزير 
ضرورة العمل القاهرة الواردة في المادة: 8 من ق ن ق هي وفاة أو تقاعد قاض أو إنشاء محكمة جديدة أو وصول قاض إلى رتبة عليا من الرتب القضائية لا يمكن لمن وصل إليها أن يشغل رئاسة المحكمة التي يترأس المعني أو إصابة قاض رئيس محكمة بمرض يتطلب علاجا يتعارض تلقيه مع واجب المواظبة المفروض على القاضي 
السيد الوزير 
خارج هذه الحالات يكون أيّ تحويل لأيّ قاض ومهما كان واقفا أو جالسا مخالفا للنصوص الدستورية أعلاه وبالتالي غير مشروع ما لم يكن تنفيذا لقرار صادر ضدّه بعقوبة تأديبية 
 السيد الوزير 
يجمع الفقه والاجتهاد القضائي الدستوري على أنّ أكبر ضغط يمكن أن يمارس على القضاة هو التحويل التعسفي أي المخالف للقانون
السيد الوزير 
تعلمون أنّ المجلس الدستوري نصّ في قراره رقم: 07/ 93 على أنّه: (نظرا إلى أن استقلال السلطة القضائية الذي تضمنه المادة 89 من الدستور يترتب عليه مبدأ عدم قابلية قضاة الحكم للعزل وذلك رغم صمت المادة 89 في هذا المجال.  وإلى أن هذا المبدأ ليس في الواقع امتيازا مفرطا يمكن منحه أو رفضه لقضاة الحكم وإنما هو ضمانة أساسية لحماية استقلالية المحاكم وحماية المتقاضين. وأنه يترتب على ذلك أن المادة 8 من القانون النظامي المعروض علي المجلس الدستوري وهي تنص في غياب طلب حر من القاضي أو عقوبة تأديبية، على إمكانية تحويل هذا الأخير بمرسوم بناء على تقرير مسبب من وزير العدل، قد تجاهلت المبدأ الدستوري المتمثل في استقلالية المحاكم.) وبالتالي وانطلاقا من المواد الدستورية أعلاه ومن قرار المجلس الملزم لكم ولجميع السلطات طبقا للفقرة الثالثة من المادة: 87 من الدستور أرجو أن تعرفوا أنّكم لا يجوز لكم مجرد اقتراح تحويل أيّ قاض مهما كان وأنّ تحويل القضاة في غير الحالات المنصوصة قانونا تمّ منعه على السلطة التنفيذية بالدساتير لأنّه أمر خطير ليس بسبب أنّه مخالف للدستور وجميع القوانين والتقاليد المتعارف عليها في عالمنا المعاصر فحسب وإنّما لأنّه يقوض استقلال القضاء ويهدم مصداقية الجمهورية والسلطة التي تحكم فيها 
السيد الوزير 
إنّ اسناد نصّ الفقرة الثانية من المادة: 89 من الدستور حماية وضمان استقلال القضاء لرئيس الجمهورية 
وليس لأيّ شخص أو سلطة أخرى يشي بأهمية استقلال القضاء بالنسبة للبلد وبالتالي خطورة المساس به
السيد الوزير 
ارجو أن تعيدوا الاعتبار لشباب القضاة الذين تمّ تحويلهم في المجلس الماضي وللزملاء الذين تم ابعادهم عن أسرهم مثل الأخ الأكبر محمذن بالاه تمّ إبعاده من نواكشوط إلى نواذيب والزميل عبد الله أسويدالة الذي تم إبعاده من ألاك إلى نواذيب أيضا وأشير هنا إلى أنّنا كنّا ننتظر نشر المرسوم المتضمن تحويل هؤلاء لنطعن فيه لكنّنا لم نره حتى الآن في الجريدة الرسمية 
السيد الوزير 
اكتب لكم هذه الرسالة لاعتقادي بأنّكم:
ـ مواطن صالح يعمل على سيادة القانون في بلده وممّا يدل على ذلك ما يشاع من سعيكم الجاد إلى اقناع السيد رئيس الجمهورية بأنّ تنفيذ توصيات منتديات إصلاح العدالة يعتبر حاجة ملحة 
ـ ظني أنّ التحويلات السابقة ربما تكون حصلت لأسباب على علاقة بأنّ تخصصكم ليس القانون وأنّ القضاة المهنيين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء ظلوا عاجزين عن القيام بوظائفهم داخله حتى كتابة هذه الأسطر
في الأخير أسأل الله العلي القدير أن يجعلني وإياكم ممن قيضهم الله لخدمة أوطانهم وأن تبقوا وزيرا للعدل حتى تنفيذ توصيات منتديات إصلاح العدالة
وحسبنا الله ونعم الوكيل

القاضي / محمد ينج محمد محمود