الزهرة أنفو : يعاني القضاء التجاري عندنا من انه غير مميز وغير نشط ، اما عن الاستقلالية فان لها صعوباتها التي تبدأ من الصحة النفسية للقاضي الي المقدرة علي الابداع والي التفكير في النص واستخراج المقاصد العدلية منها طبقا للمبادئ الفقهية والقانون وقواعد العدل والانصاف . بالرغم من وجود قضاء تجاري من الناحية البنيوية اي تشكيل اداري لمحاكم تجارية الا انه في الحقيقة لا وجود له قضائيا فالقضاء التجاري يعاني من الانعدام في الحقيقة بالرغم من الشكل الظاهري لمحاكم تجارية تباشر الاختصاص التجاري منفردا او مع اختصاصات اخري فان عمل هذه المحاكم بعيد كل البعد عن عما يجب ان تتسم به المحاكم التجارية من السرعة بالبت ، والحرية في الاثبات : ففي مجال السرعة في البت فانه لا ميزة لهذه المحاكم عن غيرها من المحاكم ، فجلساتها شهرية نظريا ، وقد تتعرض للاجهاض بسبب غياب التشكلة او امعان قضاتها في استقصاء الادلة حتي لا يصدر حكم الا بعد جرد كل احتمالات الادلة والزام المتقاضي بادلة في ذهن القاضي وليست كما تنص عليه المادة 8 من القانون التجاري : فاي قضاء تجاري بجب ان يتسم بعدة خصائص تبعا لمميزات القانون التجاري وهي : السرعة الائتمان فالسرعة تضمن للتاجر القسوة في الاقتضاء والسرعة في القضاء ، ومادامت الاولي وهي القسوة في الاقتضاء مترتبة علي الثانية وهذه منعدمة ، فان الميزتين ستكونان منعدمتين وهذا له تداعيات كارثية علي العمل التجاري فيصبح هذا العمل التجاري لا حماية لحقوق اصحابه ولا ضمانة لا طرافه من الخلل واللدد والمطل . وفي العقود الستة الماضية من عمر الدولة الموريتانية تناثرت عبر سنينها اصلاحات قضائية منها ما كان له ، ومنها ماكان عليه ، ومن توحيد القضاء والتخلي عن محكمة العدل الخاصة تعاقبت عدة اصلاحات قضائية حتي استقرت تقريبا علي ما عرفناه 2005 الي 2007 ، فتشكل قضاء تجاري من المفروض ان يكون نشطا و مختصا في القضايا التي تنشا بين التجار ومن ابرزالتجار الشركات التجارية و البنوك والمصارف التجارية ، فهذه الشركات سواء كانت صناعية او خدماتية او تتعلق بالتامين والصيرفة فانها هي عماد الحركة التجارية الذي هي الموئل في التطور الاقتصادي لهذا البلد ونموه وهي الوسيلة لمكافحة البطالة والفقر والوسيلة لجلب الاستثمار الخاص والعام والاستثمار المباشر او الاستثمار المشترك غير المباشر ، وهي باختصار الوجود المادي للدولة فدولة ليس بها قطاع تجاري نشط دولة غير موجودة ، منذ صار اكبر قطاع تجاري في العالم تملكه دولة الصين الشيوعية لكننا للاسف نعيش منذ فترة عدم تجديد او تطوير للقضاء عندنا فالقضاء يعيش ركودا لعدة اسباب لعل ابررزها : اننا نحن المحامين تخلينا عن النضال من اجل مكافحة اي خلل نراه في القضاء ففي السنوات المنصرمة مات كل حراك من المحامين من اجل تطوير واصلاح القضاء ، فكل محام بما عنده من علاقات بالدولة رام السلامة فانعزل ، وتماهينا مع السلطة التنفيذية وهو امر مضر مثل عداوتها فالمحامي يجب ان يكون في مكان بحيث لا يؤمن شره ولا يعطي من مبادئه للسلطة التنفيذية ما تجعلها تملكه ، فكل مكاسبنا بدء من الزامية المحامي المتدرجة امام المحاكم وحصانتنا وكوننا شركاء في اقامة العدل لا مجرد اعوان ، حصلت بنضال مرير ومشاكسة لاقوي الديكتاتوريات التي حكمت هذا البلد حتي اصبحنا الشريك الذي لا يُقْـضَ الامر دونه ، واذا حضر يجب ان يستشارويستأمر ويؤخذ برايه .فما ينفع الاسدَ الحياء ُمن الطوي °
ولا تُـتـّقي حتي تكون ضواريا
كما يقول المتنبي ان تخلينا عن النضال من اجل اصلاح القضاء جعل القضاء التجاري ينعدم ، ومنذ سنة تقريبا الي ازيد يسلك القضاء الاستعجالي مسلك القضاء التجاري في الانعدام فالقضاء الاستعجالي ، ذكرت عوّاده انه في ءاخر الرمق ، ومن الاغرب ان اكثر من يمارسون عملية اعدام القضاء الاستعجالي هم قضاة المحاكم التجارية ، فقد اصبح اصدار اي قرار استعجالي يتطلب نفس المسطرة التي يتطلبها اصدار حكم في الاصل ، وبالرغم من ان قانون المرافعات المدنية والتجارية والادارية رقم : 035/1999 احدث بشكل صريح نصوص الامر علي العريضة وهو امر بطبيعته لا يتطلب الحضورية ، فان اكثر رؤساء المحاكم يفرضون ابلاغ طلب اصدار الامر علي العريضة الي المحجوز عليه ، ثم بعد ذلك يوجبون عقد جلسة استعجالية ويوحبون استدعاء المطلوب الحجز عليه ، وفي الاغلب يرفضون الطلب ، واذا استجابوا له يكون المطلوب حجزه قد فات فهو اما باخرة اوسيارة غادرت وفر بها مالكها ، واما مبلغ تم سحبه من الحساب لان المطلوب عليه الحجز تم ابلاغ طلب الحجز اليه ، فوجد الفرصة في اجل الرد فنجا بجلده وماله ، فيكون امر الحجز صار الطبيب بعد الموت كما يقول المثل الفرنسي .وبالاضافة الي ظاهرة انعدام القضاء التجاري والاستعجالي فانه برزت ظواهر اخري منها ان عملية اصدار القرار القضائي تشابك مع النص القانوي فيها ، عواملُ اخري فصناعة القاضي لقراره اصبح يدخل في تركيبها عدة عوامل منها جنس ونوع الاطراف ونافذيتهم السياسية والاقتصادية ونافذيتهم الاجتماعية ، ومنها درء المفاسد من جهة وجلب المصالح من جهة ، فعوامل مثل القبيلة والجهة التي منها الفاعلون في العملية القضائية سواء كانوا اطرافا او قضاة جعلت القرار القضائي يبتعد عن النص او يؤوله للتجانس مع كل تلك العوامل ومع كل الفاعلين، ومن هنا اصبح لكل قاض اسلوبه الخاص في فهم النصوص القانونية فرغم وجود نصوص صريحة في منطوقها ومفهومها فان كل قاض يعتمد الاسلوب الذي يعتقد انه ينجيه في مساره المهني ويضمن له الاستقرار الوظيفي علي مبدإ لا تعمل عملا حتي لاتري باسا .ورسالة تحويل القاضي عمار محمد الامين رئيس محكمة الفساد السابق تشكل مخيلة بصدق هذا الاعتقاد فهو قاض رائع وادار محاكمة صعبة بقدرة تستحق التهنئة والترقية فكان جزاؤه ان يفرغ من العمل ، تضامني معه .وهكذا يسير العدل في بلدنا نحو الهاوية وهو امر خطير ونحن في غنا عن المسير الي تلك الهاوية فلسنا فقراء في القضاة النزهاء المقتدرين ولسنا بل نحن اغنياء في النصوص القانونية الواضحة ، لكن تخلينا نحن المحامين عن الجهر بالحق وامساكنا عن مقارعة خرق القانون وخنوعنا لمصالح زهيدة ، وتخلي وزارة العدل ومفتشيتها عن العمل كما ينبغي ترك الامور علي عواهنها وصدق ابو الاسود الدؤلي في قوله : لايصلح الناس فوضي لا سراة لهم ولا ....................................من صفحة الاستاذ زائد المسلمين