عرفت موريتانيا عبر تاريخها منذ الاستقلال سيدات أول تنوعت اهتماماتهن وأنشطتهن السياسية والاقتصادية، إلا أن تاريخ السيدة الأولى الدكتورة مريم بنت الداه كان استثناء من كل السيدات الأول في تاريخ البلد.
تعد السيدة الأولى بنت الداه إحدي أهم الشخصيات في تاريخ موريتانيا المعاصر، حيث أثبتت من خلال مسيرتها التزامًا قويًا بقيم الوحدة الوطنية والنزاهة والتفاني في خدمة الشعب.
لقد كانت الدكتور مريم بنت الداه، التي عُرفت باهتمامها بالعمل الخيري بمختلف ألوانه، رمزًا من رموز المقاومة ضد الفساد، وظلت ترفض الاستفادة الشخصية من المال العام أو الدخول في صفقات مشبوهة، كما سعت إلى توحيد مختلف الأطياف في المجتمع الموريتاني والعمل من أجل الوطن بعيدًا عن المصالح الضيقة، إذ عرفت بقدرتها الفائقة على بناء جسور التواصل بين مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية في موريتانيا في وقت كانت فيه البلاد تشهد تحديات من حيث الانقسام السياسي والفئوي، فكان للسيدة الأولى بنت الداه تأثير واسع في تآخي المجتمعات المحلية ،بفضل جهودها الخيرية، وفي تحفيز التفاهم المشترك بين الفئات المختلفة.
من خلال مشاركاتها الفاعلة ودعمها اللا محدود للفئات الهشة والأكثر فقرا، استطاعت السيدة الأولى تشيد صرحا من التعاون بين مختلف المكونات الثقافية والعرقية في موريتانيا، فعملت على نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي بين جميع الموريتانيين، بعيدًا عن القبلية أو التفرقة، مساهمة بذلك في توجيه الأنظار نحو أهمية التنوع الثقافي والاحترام المتبادل بين أبناء الوطن.
أحد الجوانب التي ميزت السيدة الأولى الدكتورة مريم بنت الداه هي نزاهتها الواضحة ورفضها القاطع للاستفادة من لقبها ومكانتها كسيدة أولى في البلد، فخلال مسيرتها، كانت دائمًا تضع المصلحة العامة فوق أي مصلحة شخصية والتاريخ شاهد على ذلك أيام كانت في منصب دبلوماسي سام، وهو ما عزز في الأذهان أنها نموذج للشرف والوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسها بخدمة بلدها وشعبه.
لقد أثبتت الدكتورة مريم بنت الداه في أكثر من مناسبة أنها كانت تسعى لخدمة شعبها دون أن تطمح لمكاسب مادية، وهو ما صدقه الوقع بتفانيها في خدمة المرضى والمعوزين ورفضها لأي نوع من الهدايا أو العروض التي قد تُعتبر فسادًا، محصنة بذلك سمعتها الطيبة كأحد الرموز النزيهة التي يجب أن يحتذى بها.