خلاف حول استجواب وزير الداخلية

جمعة, 11/04/2025 - 15:45

قال البرلمان الموريتاني إنه تفاجأ بالبيان الصادر عن البرلمانية كاديتا مالك جالو، والذي انتقدت فيه رفض مؤتمر الرؤساء في البرلمان طلبها استجواب وزير الداخلية بشأن ترحيل المهاجرين، لافتا إلى أن البيان جاء يوما واحدا بعد استجابة البرلمانية لطلب تحويل استجوابها لسؤال شفوي، بناء على عدم وجود مبررات الاستعجال أو جسامة الوقائع المسببة للاستجواب.

وأكد البرلمان أن كاديتا مالك جالو أودعت السؤال الشفوي الذي حولت استجوابها لوزير الداخلية إليه لدى الجهة المعنية بتاريخ 09 إبريل الجاري.

نص البيان :

طالعتنا وسائل الإعلام ببيان منسوب للنائب الموقرة كادياتا مالك جالو خلصت فيه إلى وجود تضييق على العمل البرلماني من طرف هيئات الجمعية الوطنية.

ومع أن النائب الموقرة قد آثرت اعتماد وسائل التواصل الاجتماعي – بدل هيئات الجمعية الوطنية التي يمثل فيها فريقها البرلماني - قناة للتعبير عن تنديدها وشجبها لما تعتبره عرقلة لسير العمل البرلماني وتكميما لأفواه النواب وتحويلا للجمعية الوطنية لمجرد غرفة تسجيل، فإن مكانة النائب الموقرة واحترام الرأي العام، يقتضيان منا توضيح ما يلي:  

1. أن النائب الموقرة تدرك دون شك - وهي النائب لثلاث مأموريات - أن آليات الرقابة البرلمانية للعمل الحكومي عديدة ومتنوعة، تبدأ بالسؤال الكتابي وتنتهي بملتمس الرقابة، مرورا بالأسئلة الشفوية بصنفيها والاستجوابات والاستعلام والتحقيق إضافة للإحاطات الحكومية المبوب عليها دستوريا؛ ولكل من هذه الآليات شكله وطرق ومحددات وموجبات استخدامه، كل ذلك – طبعا - وفق قواعد تحددها النصوص المنظمة لعمل الجمعية الوطنية؛

2. أن النائب الموقرة تعلم بدون شك – وهي من بين النواب الذين صاغوا النظام الداخلي للغرفة – أن الاستجواب يلجأ إليه بدل السؤال، حينما يتعلق الأمر بسعي للحصول على مبررات حول ممارسة الحكومة أو أحد أعضائها لسلطاتهم أو حول تسيير مرفق عمومي يدخل ضمن اختصاصهم، ويجب أن يكون الاستجواب - من بين شروط أخرى – مبررا بالاستعجال وجسامة الوقائع المسبّبة له (المادة 125 من النظام الداخلي)؛

3. أن النائب قد أودعت استجوابا لدى الجمعية الوطنية يوم الخميس 03 إبريل 2025 حول ترحيل مهاجرين يقيمون في بلادنا بطريقة غير شرعية؛ وبعد يوم عمل واحد كان هذا الاستجواب ضمن جدول أعمال اجتماع مؤتمر الرؤساء (الهيئة المعنية ببرمجة جلسات الغرفة وإحالة الأسئلة والاستجوابات للحكومة وتضم عضوين من الفريق البرلماني للنائب الموقرة المؤلف من سبعة أعضاء)؛ وقد ارتأت الهيئة، وبدون تصويت، أن تطلب من النائب تحويل استجوابها لسؤال شفوي، وذلك حرصا منها على الالتزام بأحكام النظام الداخلي، حيث لم تجد في المبررات التي ساقتها النائب وجها لا للاستعجال ولا لجسامة الوقائع المسببة للاستجواب؛ وقد استجابت مشكورة وبصدر رحب، لهذا الطلب وسحبت استجوابها وحولته لسؤال شفوي أودعته لدى الجهة المعنية بتاريخ 09 إبريل الجاري، لتفاجئنا بهذا البيان يوما واحدا بعد ذلك؛

4. أن إقرار مؤتمر الرؤساء للجوء نائب، أي نائب، لاستخدام إحدى آليات الرقابة المذكورة أعلاه، في غير محلها، قد يؤدي - ضمن ما قد يؤدي إليه - لتعطيل بعض تلك الآليات وتمييع العمل البرلماني، علاوة على ما يعنيه من تجاهل وخرق لترتيبات النظام الداخلي للغرفة من طرف إحدى أرفع هيئاتها وهي مؤتمر الرؤساء؛  

5. أن النائب الموقرة قد تلقت الجواب – كباقي المواطنين وغيرهم – على المعلومات التي تطلبها، في مناسبات كثيرة من طرف أعضاء في الحكومة، ومن ضمنهم وزير الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية، بل حتى من طرف مسؤولين من الدول الشقيقة المجاورة، ومن بينهم زملاء برلمانيون زاروا موريتانيا مؤخرا، ولم نسمع من أي من هؤلاء المسؤولين (حكوميين أو برلمانيين) من ذهب به الحماس والحمية لمواطنيه إلى تصنيف ما قامت به السلطات الموريتانية كعمليات " طرد جماعي " أو شكك في "شرعية وضعية هؤلاء المهاجرين" كما فعلت النائب الموقرة التي قد تضعنا في حرج أمام مسؤولي البلدان الشقيقة، حيث سيظهرهم تصرفنا بمظهر المتقاعس عن الدفاع عن مواطنيه باعترافهم بعدم شرعية إقامة هؤلاء وحسن معاملة سلطاتنا لهم؛ وفي هذا الصدد، نهيب بالرأي العام أن يعود لبيانات المسؤولين السينغاليين والماليين حول هذه المسألة؛

6. أن مسألة الهجرة، كما أنها حاجة للبشر وللبلدان ذات أبعاد إنسانية واقتصادية، فهي أيضا قضية عالمية مركبة تتداخل فيها أبعاد أخرى سيادية وأمنية، وبلدنا ليس بدعا من البلدان التي تؤرقها الهجرة ويشجع المقيمين على أرضه على التقيد بالقوانين والنظم المرعية فيه، وهنا أيضا ندعو الرأي العام للاستئناس في الحكم بالممارسات العالمية في هذا الشأن والاعتبار بالإجراءات السيادية التي تتخذها كافة البلدان، وفي مقدمتها الدول التي تصنف دولا ديمقراطية تراعي حقوق الإنسان؛

7. أن ممارسة الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي لم تتوقف خلال أي من الدورات البرلمانية، بل إن النواب الموقرين قلّما يتقيدون بجدول أعمال الجلسات العامة واجتماعات اللجان المخصصة، على التوالي، لمناقشة ودراسة مشاريع القوانين، ويخصص العديد منهم جل الوقت الممنوح له لمساءلة الوزير المفوض حول تسيير قطاعه، بل حول العمل الحكومي بصورة عامة؛ إضافة إلى أن الجمعية الوطنية تحرص على جدولة الأسئلة الشفوية وفق المساطر المنظمة لعملها، كلما سنحت لها الفرصة؛

8. أن حرص الجمعية الوطنية على ممارسة نوابها لواجبهم الرقابي على العمل الحكومي من خلال تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لا يمكن - بحال من الأحوال – أن يكون مبررا للإخلال بأحكام النظام الداخلي للغرفة (كما هو الحال بالنسبة لطلب تشكيل اللجنة المشار إليه في بيان النائب)، مع أن الرقابة، كما أسلفنا، قد تتم بطرق أخرى عديدة.

9. أن بلادنا هي الأولى إفريقيا والثانية عربيا التي يمتلك برلمانها قناة تلفزيونيه، وهي الوحيدة التي تنقل مداولات البرلمان بشكل مباشر ودون تدخل، ولا مغمز في مدى استقلاليتها ومساواتها لمختلف الفرق البرلمانية، وهذا ما جعلها نموذجا يحتذى، زارتنا مؤخرا وفود برلمانية من دول شقيقة للاستفادة منه.
 
الجمعية الوطنية