
قال وزير الثقافة والفنون والعلاقات مع البرلمان الدكتور الحسين ولد مدو في خطاب له من مدينة كيهيدي مفتتحا النسخة الثانية من مهرجان الصيادين التقليديين، إن المدينة "مطلة على ضفاف نهرنا الجميل؛ حيث تنبض الحياة بعبق الماضي، وتمتزج مياه النهر بأنفاس الأجداد".
وأكد وزير الثقافة أن "هذه المدينة الموشاة بوشاح الزمن، طالما تنفست أريج الروح الوطنية وألق سواعد بناء وطن العدل والحرية"، مشددا على إهمية المهرجان "لنحتفي في هذه النسخة بوحدتنا وتماسكنا؛ معانقين قيمنا ومثلنا التي بنت هذا الوطن وحصنته ضد كل نزعات التفرقة”.
وأضاف وزير الثقافة “مدن الضفاف ليست محض مدن تعانق شواطئ الأنهار، ولكنها أكثر من ذلك، مدن الحضارة والإشعاع، إنها مصابيح أضاءت دروب أمتنا وشكلت هويتنا ورسمت ملامحنا"، لافتا إلى أن "مدينة كيهيدي واحدة من تلك المدن؛ فمن هنا ارتفع صوت الوطنية باكرا؛ لتتشكل هوية وطنية جامعة تتعانق فيها كل ثقافاتنا وكل ألسنتنا وكل ماضينا”.
واعتبر وزير الثقافة أنه "ليس صدفة أن تستظلنا كيهيدي تحت شعار الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، فطالما كانت كيهيدي قبلة لمواثيق الوحدة والتآخي، ومنطلقا للوطنيين والأحرار؛ فعلى هذه الساحات تعانقت كل الشحنات الموريتانية، وبين هذه الطرقات تراءت كل ملامحنا؛ ومن هنا استلهمنا من النهر صموده وكفاحه، ومن الأرض ثباتها وعطاءها”.
ونون وزير الثقافة إلى “إن اختيار ثقافة الصيد التقليدي لتكون محور هذا المهرجان هو اختيار للهوية ذاتها؛ إذ يتجاوز هذا النمط من الصيد البعد الاقتصادي؛ فهو ليس وسيلة شريفة لحياة كريمة فحسب؛ بل إنه خطى الأجداد وتاريخهم، إنه قصة انتماء الإنسان ورمز ارتباطه بأرضه ومياهه”، قائلا: “إننا نحتفي اليوم بتراث يعبر عن روح التضامن المجتمعي وعن مهارات توارثتها الأجيال وارتبطت بالعادات والتقاليد لتشكل رافدا أساسيا في تراثنا واقتصادنا ولحمتنا، وإن اختيار هذه النسخة ل (الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي) شعارا، يمثل عهدا قطعناه على أنفسنا جميعا بأن الوحدة الوطنية والتماسك هما رأس المال والأساس للثقافة الاقتصادية والتنمية والازدهار”.
وبحسب وزير الثقافة فإن “فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني يولي عناية خاصة بالثقافة، جاعلا منها حجر الزاوية في مشروعه المجتمعي التنموي الطموح، لما لها من قدرة على إعادة تشكيل الوعي وغرس قيم الانتماء والتآخي والتكاتف، وهي الرؤية التي تحرص حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي على تجسيدها عبر حزمة من السياسات والاستراتيجيات الثقافية الواعية والمتناسقة كان من بينها استحداث مهرجان جول الثقافي وإضافة مكون تنموي ضمن مهرجان مدائن التاريخ ومهرجان جول استفادت منه حتى الآن المدن الأربعة المصنفة تراثا عالميا لدى منظمة اليونسكو إضافة الى مدينة جول ذات الرمزية العريقة”.
منبها إلى أنه “على ذات المنوال شهد القطاع ميلاد النسخة الأولى من مهرجان الموسيقى التقليدية، وتكثيف الدعم لمختلف البرامج الثقافية، سواء منها ما يتوجه للعموم أو ما يخص فئات بعينها من الفنانين والمبدعين، كما تم إرساء يوم وطني للتنوع الثقافي، يُخلّد سنويا بمشاركة كافة مكونات الطيف الوطني تعزيزا للتماسك، واحتفاء بالتعدد اللغوي والثقافي والفني الذي تزخر به بلادنا، في تناغم بديع يزيده التنوع تجذرًا وثراء، يضاف إلى ذلك تسجيل المحظرة الموريتانية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، اعترافًا بإسهامها الفريد في نشر المعارف الدينية واللغوية، وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال، وربط الإنسان الموريتاني بالعلم والحكمة على مر القرون، وعلى ذات المنوال حجزت ملحمة صمبا غلاديو مكانها في القائمة العالمية للتراث الثقافي الإنساني، بما تحمله من رمزية بطولية، وما تجسده من تلاحم عضوي بين الرافدين العربي والإفريقي، مكرسة الطابع العابر للحدود لثقافتنا المشتركة”.
وفي سياق الاعتراف بالتعدد والانفتاح، أكد الوزير أنه “تم اعتماد اللغة السونوكية لغةً عابرة للقارات، في خطوة نوعية تعزز التنوع الثقافي وتُبرز الامتداد الحضاري لمكون أصيل من مكونات هويتنا الوطنية الجامعة، كما تم، كذلك، افتتاح منصة اللغات الوطنية بالوكالة الموريتانية للأنباء، إضافة إلى افتتاح محطات إذاعية تبث باللغات الوطنية، وصدور القانون التوجيهي للتعليم، بما حمله من ترقية للغاتنا الوطنية”.