موريتانيا تنفي مزاعم عبور أسلحة أوكرانية وتؤكد التزامها بنهجها الأمني والدبلوماسي الراسخ

اثنين, 25/08/2025 - 14:17

في الأيام الأخيرة، تداولت بعض وسائل الإعلام الأجنبية مزاعم ادّعت أن موريتانيا تشكّل معبراً لأسلحة قادمة من أوكرانيا في طريقها إلى جماعات مسلّحة تنشط في منطقة الساحل. غير أنّ هذه الادعاءات لم تُدعَّم بأي دليل ملموس، ومع ذلك فإن تكرارها يستوجب توضيحاً لا لبس فيه.

تؤكد الجمهورية الإسلامية الموريتانية رفضها القاطع لهذه المزاعم. فمنذ أكثر من عقد من الزمن، انتهجت بلادنا استراتيجية راسخة للوقاية من التطرّف العنيف ومكافحته، وهو ما مكّنها من تجنّب الانزلاقات الأمنية التي عرفتها المنطقة، وجعل منها نموذجاً يُحتذى به، يقوم على قناعة راسخة بأن أمن موريتانيا الداخلي لا ينفصل عن أمن محيطها الإقليمي.

هذا التصوّر يجد أساسه في واجب التضامن ومنطق الواقعية السياسية. فبرؤية واضحة، تدرك الجمهورية الإسلامية الموريتانية أن زعزعة استقرار أي جار لا بد أن تنعكس سلباً عليها، وقد أثبتت التجارب أن اهتزاز أمن دولة ما سرعان ما يتجاوز حدودها ليطال جيرانها. وانطلاقاً من ذلك، تَرسّخ تمسّك موريتانيا بمفهوم الأمن الجماعي في منطقة الساحل، حيث دأبت، بصمت وبعيداً عن الاستعراض الإعلامي، على مؤازرة أشقائها في فترات الهشاشة والاضطراب عبر الدعم اللوجستي، وتبادل المعلومات الحسّاسة، والوساطات الهادئة.

وإلى جانب هذا البعد الإقليمي، ظلت الدبلوماسية الموريتانية تتحرك بخط ثابت يتسم بالاستمرارية. ففي عالم تتوالى فيه التحوّلات والاصطفافات، حافظت بلادنا على مبادئ راسخة: التمسك بالتعددية، الالتزام الصارم بميثاق الأمم المتحدة، تغليب الحلول السلمية للنزاعات، ورفض الانخراط في صراعات المحاور والتجاذبات الجيوسياسية.

ويجسد الموقف من النزاع الروسي – الأوكراني هذه المقاربة المتّسقة. ففي الجمعية العامة للأمم المتحدة، صوّتت موريتانيا لصالح القرار الذي يدين المساس بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وفي الوقت ذاته عارضت تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، إيماناً منها بأن العقوبات وسياسات العزل لا تُنهي الأزمات بل تطيل أمدها. وقد رأى البعض في هذا الموقف ازدواجية، فيما اعتبره آخرون وفاءً للمبادئ. أما موريتانيا فتراه وضوحاً في التفكير: فالعلاقات مع موسكو تعود إلى عام 1965، بينما العلاقات مع كييف حديثة ومحدودة. ومن ثمّ، فإن خياراتها لا تمليها اعتبارات المساعدات أو الضغوط، بل عمق الروابط التاريخية واتساق المواقف المبدئية.

ومع شركائها في الساحل، ظلّ هذا النهج قائماً. فقد جرى حوار صريح مع السلطات المالية التي أبدت تفهّماً لطبيعة الموقف الموريتاني، على خلفية قناعة راسخة بأن صون استقرار أي دولة في المنطقة هو في جوهره حماية لمجمل فضاء الساحل من تداعيات الانهيار المتسلسل.

وعليه، فإن موريتانيا، إزاء هذه المزاعم الأخيرة، لا تكتفي برفضها الحازم فحسب، بل تجدّد تمسّكها بخطها الثابت: قلة في الكلام، كثرة في الأفعال، ووفاء دائم للمبادئ. ففي منطقة تتقاذفها الأزمات والانقلابات، اختارت بلادنا نهجاً متفرّداً: دبلوماسية قائمة على التحفّظ في الأسلوب، والصلابة في المبدأ، انطلاقاً من إيمان راسخ بأن الاستقرار مسؤولية جماعية مشتركة، لا تخص دولة بعينها.