
في زمن تشتد فيه الحاجة إلى الشفافية ومحاسبة المسؤولين، تتجلى أدوار الهيئات الرقابية وخصوصا، محكمة الحسابات، كأحد أعمدة الرقابة المالية في موريتانيا، وفقا لما ينص عليه الدستور والقوانين، مثبة من خلال أدائها المهني، أن المهام الرقابية يمكن أن تؤدى بكفاءة وجرأة وشفافية.
وقد تجلى ذلك بشكل لافت في التقرير الأخير الذي نشرته محكمة الحسابات، برئاسة رئيسها حميده ولد أحمد طالب، والذي سلط الضوء على عدد من اختلالات التسيير المالي والإداري في عدة قطاعات عمومية، حيث لم تتردد المحكمة في عرض الحقائق كما هي، بعيدًا عن المجاملات أو التغطية على مواطن الخلل.
إن الأجواء التي جسدت محكمة الحسابات من خلال تقريرها ليست إلا تجسيدًا حقيقيًا لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي جعل مكافحة الفساد أحد أبرز أولويات برنامجه الانتخابي.
فمنذ توليه الحكم، تعهد الرئيس غزواني للشعب الموريتاني بمواصلة الجهود الحثيثة للقضاء على الفساد وتعزيز الشفافية في جميع مؤسسات الدولة، وقد جاء تقرير محكمة الحسابات ليؤكد التزامه بتنفيذ هذه التعهدات، من خلال كشف الاختلالات المالية والإدارية ومعالجتها بشكل صارم.
لقد كانت مضامين التقرير رسالة واضحة بأن المال العام أمانة، وأن الرقابة الجادة يمكن أن تُعيد الثقة في مؤسسات الدولة.
إن ما قامت به محكمة الحسابات من نشر علني وشفاف لتقريرها يجب أن يكون قدوة لبقية أجهزة الرقابة في البلاد، وعلى رأسها المفتشية العامة للدولة، التي لا تزال تقاريرها حبيسة الأدراج، رغم مرور سنوات على إعدادها، فالمحاسبة لا تكتمل إلا بتمكين الرأي العام من الاطلاع على الحقائق، وهو ما فعله الرئيس حميده ولد احمد طالب بشجاعة ومسؤولية.
لاشك أن موريتانيا بحاجة اليوم إلى مؤسسات رقابية تمارس دورها بفاعلية وتجرد، مثل مافعلت محكمة الحسابات بعيدًا عن الحسابات السياسية والمصالح الضيقة.
فالمستقبل لا يُبنى إلا على أساس متين من الشفافية والنزاهة والمساءلة، وهي القيم التي يجسدها هذا الرجل بكل أمانة وتجرد .