يجسد تاريخ كل شعب مراحل و محطات مختلفة من الأمل، الخوف و الضياع و التردد و في كل مرحلة هناك دائما رجال و نساء يقدمون أنفسهم كقادة مخلصين يقودون هذا الشعب الي تحقيق أهدافه الآنية و يصلون بيه الي بر الأمان ليسلمون المشعل الي قائد آخر و تلك هي صيرورة التاريخ التي لا محيد عنها . ان موريتانيا كيان ولد في ظروف استثنائية قاهرة و متقلبة عاني دوما من عقدة الانضباط و كنا دائما بحاجة إلي مؤسسات قوية دائمة
و لكن للاسف كان العكس هو ما يحصل دائما بفعل عوامل شتي سياسية و اجتماعية موروثة في الغالب و النتيجة ان انظمتنا منذ الاستقلال حتي 2005 كانت تخلق فردا قويا تلتف حوله مجموعات متراصة ظاهريا تجمعها منافع السلطة و تتفرق شيعا عند اول نائبة.
لقد شكلت فترة حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز فرصة سانحة لبناء مفهوم جديد للحكم و علاقته با الشعب و با النخبة و التعاطي مع الشأن العام. لقد قدم منذ أيام حكمه الأولي خطابا سياسيا يقوم علي التمرد علي مسلمات الخضوع للوبيات القبلية و محاباة سدنة الفساد و خضوع الدولة لمافيوزية رجال أعمال ظلوا دائما ينهبون خيرات البلد با التواطئ مع طغمة إدارية فاسدة و مرتشية لعبت لهم دور المتواطئ و المسهل.
لقد كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز هو أول رئيس في تاريخنا الحديث يقيل مقربين منه بسبب الفساد و يعزلهم في ظاهرة غير مألوفة عند شعب تعود أن يكون الموالي محصنا من المساءلة و العقاب.
إن مقاربة منهجية محمد ولد عبد العزيز في الحكم تحيلنا دوما إلى مزيج من الشجاعة في القرار و الدفاع المخلص عن مصلحة البلد و فعل المستحيل لضمان امنه و احترامه و سيادة القانون فيه . ان التزامه القوي بنهصة البلد تجلي في إنجازات ملموسة شملت كل مناحي الحياة و قفزت ببلده من دولة منسية الي دولة فاعلة تمتلك دبلوماسية مبادرة تصنع الحلول الأزمات الدولية و الإقليمية و تستضيف القمم العربية و الإفريقية بعد ان كانت في الماضي تستجدي الأصدقاء ان يمنحوها الفتات و الصدقات الممنونة.
و في نهاية ماموريته الثانية رفض الرئيس محمد ولد عبد العزيز الا ان يكون وفيا لنهجه كقائد مخلص لوطنه، صادق مع شعبه ليعلن صراحة انه سيحترم الدستور و لن يترشح لمامورية اخري و انه ملتزم بتسليم المشعل لرئيس جديد يختاره الموريتانيين بطريقة حرة و شفافة عبر صناديق الاقتراع.