مع بداية كل سنة دراسية جديدة تعود رائحة أقلام الرصاص ويعود سؤال “ماذا فعلت في المدرسة اليوم؟” وكالعادة تكون إجابات الصغار المشتركة على هذا السؤال هي (لاشيء) أو (لا أتذكر) تتبعها عبارة (لا أدري) و ما شابه.
عندما بدأت إبنتي المرحلة التمهيدية كنت يائسة لمعرفة ما الذي فعلته طوال النهار، ولكنني لم أحصل على أي إجابة منها. وحاولت كما نصح بعض الخبراء بأن نعطي الأطفال مساحة من الوقت للتحرر من الضغوط قبل أن نبدأ بسؤالهم، ولكنها لم تصارحني. كما نصحني آخرون بأن أسألها أسئلة محددة أكثر ومفتوحة. وحتى الإنترنت الآن تتوافر فيه قائمة بدائل كثيرة بطرق ملتوية عن السؤال المعتاد “كيف كان يومك؟”. فعندما سألت بنتي عن الألعاب التي لعبتها في الخارج أو من الذي أضحكها أجابتني بعبارة غاضبة وغليظة “توقفي عن سؤالي عن هذه الأشياء الحمقاء!”.
اكتشفت الطريقة الأنسب لتحفيز ابنتي على الكلام
عندما بدأت السنة الدراسية الجديدة هذه السنة، حاولت تجربة طريقة جديدة فسألت ابنتي على طاولة الغداء “هل تودين السماع عما حدث في يومي؟”. ومنذ ذلك اليوم وحتى الان لم تقل “لا” . فأخبرتها عن اجتماعاتي ونسخي للملفات والطباعة الثقيلة وكيف أضعت مفاتيحي ووجدتها بعد ذلك. كما أخبرتها عن الألعاب في ساحة اللعب و عن الحصص التي قمت بها وعدد الأطفال الذين سألوني الذهاب إلى الممرضة. إنني أبدأ يومي بأخذ قائمة التحضير صباحاً والانتهاء في وقت المغادرة. وعلى الرغم من أن عملي في نفس مدرسة ابنتي إلا أن فصلها الدراسي في مبنى آخر منفصل.
و بعد ذلك، أخبرتني ابنتي حينما حان دورها في هذه اللعبة عما حدث معها في يومها. علمت منها ما الكتاب التي استمعت إليه في المكتبة وكيف قامت بتغيير حذاء المطر لتلبس الحذاء الرياضي بنفسها وسبب مشاجرتها الصغيرة. كما أخبرتني من هو مساعد الفصل وبجوار من جلست وقت الفسحة. بالإضافة إلى أنها أنشدت لي أنشودة العنكبوت وهي تحرك أصابعها فوق صنبور الماء الوهمي فوق رأسها. فعندما مالت إلي سألتها “هل كتبت الحروف على الرمل اليوم؟” فقالت بهمس. “لقد فعلت ذلك!”.
كوني معلمة ذلك قد يجعل أيامي متطابقة مع طفل يحضر للمدرسة وعلى الرغم من هذا، أعتقد أن ابنتي مهتمة أكثر لمعرفة ما الذي أفعله سراً حينما لا أكون معها.
الطفل يحب المشاركة لا الاستجواب
لا يهم إن كنت مدونة أو طبيبة أو مُحاسبة أو مطورة برامج أو سائقة حافلة أو ربة منزل، لأن الأمر ليس له علاقة بتفاصيل العمل بقدر ما يعني مشاركة ما يجعلنا نضحك ونضجر، والحديث عن الأشخاص الممتعين الذين قابلناهم وعن الأخطاء التي ارتكبناها و ما الذي نجده صعباً علينا. عندما أحدث ابنتي عن هذه الأمور أجدها مستعدة بشكل أكبر لمشاركتي بالمثل.
إن آخر ما أود الحديث عنه أحياناً حينما أعود إلى المنزل هو العمل. في غالب الأحيان أعتقد أن سوء يومي ربما يسبب الضجر لأحدهم بمن فيهم أنا. ربما تجد ابنتي أن في البوح بكل شيء وقاية من الضجر. ولكن مع ذلك فإنني أسعد حينما تخبرني ابنتي بتفاصيل يومها كما تسعد هي كذلك .
الليلة على طاولة العشاء حين كانت ابنتي تحرك السكينة والشوكة بطريقة طفولية وبدأت أنا الحديث عن خطط يوم الغد قاطعتني لتقول: “أمي؟ ألن تخبرينني عما حدث معك في يومك؟”