الاستقلال ذكرى تحرك الشجن باستمرار /بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن /موريتانيا رغم الثغرات و العثرات ،حبها عميق راسخ ،يزداد مع مرور الوقت.
فى مطلع السبعينات ،كنا مع أطفال المدارس فى أطار ،نلبس سروالا أسود و قميصا أبيض .
فنصطف احتفالا بهذه الذكرى العبقة ،و نغنى تمجيدا للاستقلال .لا أتذكر التفاصيل ،لكن الحدث كبير، فى أذهان التلاميذ و الأسرة المدرسية عموما ،و تنتشر الأعلام و يفرح الناس.
ليلة عيد الاستقلال، رفع المشاعل ،على يد العشرات من القوات المسلحة ،و على طول يوم الثامن و العشرين ،تتوالى الفقرات .ابتداءا من رفع العلم صباحا، بحضور السلطات و الفرق العسكرية ،من مختلف التشكيلات .و فى المساء المظليات و الرماية و منافسات متعددة ،تخليدا لهذه الذكرى الغالية الجامعة المعبرة .
تستمر ذكرى الاستقلال و يستمر وقعها النفسي الدافئ ،دون أن تكتمل على أرض الواقع بعض معانى و دلالات الاستقلال الجوهرية .
فإلى متى تتكرر الذكرى ،دون أن نحرص بالدرجة الأولى ،على تجسيد بعض أهم مقضتيات الاستقلال .
فى هذه الفترة عمدت السلطة إلى لا مركزية الاحتفال بذكرى عيد الاستقلال ،حيث تتحرك المناسبة الوطنية الكبيرة ،بين عدة ولات ،مدة خمس سنوات ،قبل أن تعود للعاصمة. و هكذا داوليك .
مما فتح الفرصة، لإحياء عواصم الولايات و صقل وجهها بالمناسبة ،و التعريف أكثر بمختلف أطراف الوطن ،ضمن هذه الدورية الاحتفالية .
لكن هل تحقق الاستقلال الفعلي ؟!
مازال الاكتفاء الغذائي لم يتحقق بعد ،رغم الثروات الظاهرة و الباطنية فى هذا الوطن الواعد .
كما أن ثرواتنا السمكية و المعدنية و غيرها ،مازال الأجانب أكثر استفادة منها ،بسبب عوامل متضافرة متعددة ،من أهمها، نقص الرساميل الضرورية للاستغلال و سوء التسيير و قلة اليد العاملة و الخبيرة بوجه خاص ،و كذلك شيوع الرشوة و تقديم النفع الشخصي الضيق على الصالح الوطني الشامل .
ولعل من مظاهر نقص الاستقلال ،على الصعيد الدبلومسي و الخارجي ،ارتهان القرار الوطني أحيانا ،لجهات خارجية ،بسبب بعض أوجه الخوف و الطمع بوجه خاص!.
و لعلنا قطعنا شوطا معتبرا فى حرية الصحافة ،رغم حاجتها للانفتاح الحقيقي فى سياق التكوين و الدعم المالي ،عسى أن لا يكون التعبير عن الرأي الآخر ،فرصة دوما ،للتضييق و الحرمان ،كما قطعنا شوطا معتبرا فى سياق الاستقلال الثقافي ،رغم حاجة الإدارة للمزيد من التعريب .
و رغم هيمنة الجيش على دواليب الحكم فى بلادنا، منذو انقلاب ١٩٧٨ ،إلا أن أملا يحدونا ،عسى أن يحترم المتغلب دورية التناوب الدستورية .
فتلك خصلة ،إن احترمت تعتبر مؤشرا رمزيا ديمقراطيا ايجابيا ،بإذن الله .
و سيظل أهم دليل على الاستقلال الفعلي لهذا الوطن،تكريس هويته الاسلامية على أرض الواقع و الحفاظ على حوزته الترابية و امتلاك قراره بيده ،دون مصادرة أو إقصاء .
إننا على أعتاب تناوب مأمول حذر ،ضمن رئاسيات ٢٠١٩ المرتقبة،و لن نمل من التحذير من أي تلاعب بالقفل الدستوري ،مع التأكيد على أهمية التفاهم و الحوار الوطني الشامل و خطورة ما سوى ذلك ،من التوتر و الصدام ،لا قدر الله .
و كل ذكرى عيد الاستقلال و أنتم بخير .