هكذا يقتحمون المنازل ليْلا يبْحثون عن الفتيات في توجنين..
"نحن مع الحكومة.. لكن لا يمكننا السكوت على انهيار الأمن وما نتعرض له من عصابات الاغتصاب التي تقتحم منازلنا ليلا تبحث عن الفتيات" هكذا تقول السالمة منت محمد (اسم مستعار) وهي تروي قصص العصابات التي تعبث بأمن الاحياء الفقيرة في توجنين.
السالمة هي سيدة من سكان "لقريكة" وهي حي برزخي يقع في اطراف مقاطعة توجنين، دون تخطيط عمراني حيث تتجاور بيوت الصفيح وتضيق مساحة الامل بغد افضل.
تم تقسيم المنطقة الى احياء فقيرة بمسميات مدن من مختلف انحاء موريتانيا، هنا يتقاسم القادمون من كل الجهات عدالة الفقر المدقع والنسيان والإهمال.
عشرات الآلاف من الفقراء الذين فقدوا الامل خلال 10 سنوات شهدت التخطيط المعماري لعشرات الاحياء وبقي حيهم دون تخطيط يتراكم فيه الصفيح وتنعدم فيه خدمات التعليم والصحة والنقل والعدالة وحتى الإحصاء.
السالمة التي لم تتلقى تعليما دراسيا في حياتها وتبلغ من العمر 53 عاما كانت دائما الى جانب الانظمة وناصرت الرئيس الاسبق معاوية ولد الطائع خلال 20 عاما حكم خلالها البلاد، وانخرطت بعد ذلك في دعم ثلاثة رؤساء تعاقبوا على السلطة وتستعد لتوديع الرئيس محمد ولد عبد العزيز في أي مهرجان جماهير وهي مناصرة منذ الآن للرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني، لكن ذلك لم يمنعها من اخفاء اسمها مخافة أي ضرر يلحق بها من خلال الحديث الى الصحافة.
انها سيدة فقيرة خائفة مثل آلاف النساء في هذه المنطقة الفقيرة، يصوت بشكل مستمر لمرشحي النظام في الرئاسيات والبلديات والبرلمان والمجالس الجهوية، لكن حظهن واطفالهن وازواجهن من الكعكعة مجرد فرجة على الاحياء الغنية وهي تنبت في أطراف نواكشوط فيما تمر السنين على تلك المنطقة دون ان يتغير شيئ.
انها لا تزال تذكر فتاة من الجيران اقتحم الجيران منزل اهلها بهدف اغتصابها وسرقة ما تيسر، وقد نجت الفتاة بأعجوبة بعد ان سمع الجيران صراخ أحد افراد عائلتها، ولكنها كانت عارية عندما غادروا، نجت الفتاة من الاغتصاب لكنها لا تزال مرعوبة كلما خيم الظلام على ذلك الحي الذي يعتبر منطقة معزولة تحيط بها المناطق المخططة معماريا فيما تعيش تلك المنطقة واقعا صعبا يعتمدون فيه على مساعدات الجمعيات والمحسنين فيما تغيب أي عناية من الدولة.
الفتاة التي نجت كان حظها كبيرا في الفكاك من العصابات، لكن خيرات منت التقي (اسم مستعار) تعتقد ان هنالك حالات حمل في تلك المنطقة بسبب "لصوص الاغتصاب" ولكن الاعلان عنها صعب بسبب الرقيب الاجتماعي.
لا يختلف اثنان على مطلبين لسكان هذا الحي الفقير: التخطيط المعماري لتلك المنطقة وتوفير الأمن ليلا حيث نادرا ما تقوم دوريات من الدرك بإلقاء نظرة على المكان، ولا يمكن للسيارات الدخول الى عمق المنطقة بسبب ازدحام بيوت الصفيح.
يقوم اللصوص بتفكيك السياج البسيط الذي يحيط بأعرشة العائلات وأحيانا تقطيعه والعبور الى داخل المنزل وسرقة الحقائب والهواتف وكل ما خف وزنه وغلا ثمنه، ليس هذا فقط، ففي كل سرقة تتم محاولات لاغتصاب الفتيات والنساء وانتهاك الاعراض وحرمات الله.
"حتى الغنم يقومون بسرقتها" تقول سيدة من سكان الحي مضيفة: "لكن الاسوأ دائما هو الاغتصاب، انه جريمة لا تسقط من الذاكرة، وكثيرا ما تكون ثمرتها طفل لا ذنب له".
الفقر والعوز والبحث عن الانصاف والعدالة الاجتماعية هي عناوين تحكيها ملامح سكان لقريكة، واملهم معلق على فاتح اغسطس عندما يستلم رئيس جديد مقاليد الامور في موريتانيا عله يلتفت الى واقعهم المرير.
ان قصص الاغتصاب الجماعي تروى في هذا الحي بشكل يومي، ولكن لا احد على استعداد لكشف هويته، فقد تحالف الاهمال الحكومي والرقيب الاجتماعي والجهل والفقر معا لنكران الحقائق، لكن في ظل الأمان والحفاظ على المصدر وحجب الهوية تتساقط القصص المأساوية.
وتمتد الأصابع لتشير الى فتاة تسير في الشارع واخرى نائمة في عريش متهالك، حيث يمكن ببساطة ملاحظة البطون التي انتفخت بسبب ما يعتقد انه اغتصاب في عملية سطو ليلية لعصابات أمنت من اجهزة الامن فعاثت في الارض فسادا.
الوئام