تعيش بلادنا استقرارا هشا ناقصا ،ينغصه الاستبداد و الاستحواذ و استمرار حصول و تكرر عمليات القتل فى العاصمة ،بوجه خاص ،ربما بسبب عوامل متضافرة، يصعب حصرها .
منها تآكل المقوم الديني و الأخلاقي ،تحت ضغط العوملة و تناقص الاهتمام بالقيم و التقاليد و الأعراف الأصيلة . التى طالما عززت الاستقرار و الرحم و التآخى و التعاضد الاجتماعي ،بمختلف صوره .
إن ما نعيشه من استقرار ،مهما كان ناقصا ،ينبغى أن نقر بأهميته و ضرورة الحفاظ عليه و تعزيزه ،بإذن الله و عونه .
لكن موريتانيا فى هذا المنعطف تواجه مخاطر محدقة ،بسبب عوامل عدة ،منها جهل الأجيال الصاعدة بالعلوم الشرعية و عدم التقيد أحيانا بمنظومة قيمنا و أخلاقنا ،هذا إلى جانب العنصرية و الصراع المزمن المتوارى أحيانا ،بين مكونات المجتمع و كذلك الدور السلبي ،لبعض رجال الأعمال فى تعميق روح التعاون و المودة ،و خصوصا فى عهد هذا النظام .
فالمستفيدون فى الحقبة الراهنة ،يفضلون اتباع و تطبيق منهجية، الجمع و المنع باختصار ،إن لم يكن ذلك الأسلوب هو ديدنهم كليا، فغالبا ،للأسف البالغ .
بينما كان أبناء عم الرئيس السابق معاوية و حتى بوعماتو و غيره ،من المستفيدين من حكمه ،بالطرق الشرعية و غير الشرعية ،أكثر تعاونا و تضامنا مع الجميع ،دون استثناء تقريبا ،و إن كان لكل قاعدة شذوذ .
لقد استطاع الخليل ول عبدالله رحمه الله و إشريف ول عبد الله من بعده و كذلك عبد الله ول نويكظ رحمه الله ،تأسيس القطاع الخاص على ازدواجية الربح و منفعة الناس جميعا، دون استثناء غالبا .
أما اليوم بعد استهداف رواد القطاع ،فقد تحول القطاع الخاص المحسوب على النظام إلى وسيلة للثراء الأناني و إضعاف بعض مؤسسات الدولة .
حيث اختفت المؤسسة الوطنية لصيانة الطرق و سونمكس ،و صرحوا و اعترفوا رسميا، باهتزاز اسنيم و غير ذلك كثير ،و إذا نفذ مشروع التلاعب بميناء الصداقة و وضعه فى يد شخص بعينه ،فذلك هو قمة الهوان و الاستنزاف المقرف ،المثير بحق !.
أما إذا أضعت الجمهورية الإسلامية الموريتانية، بين خيار التصعيد و التمديد بمأمورية الثالثة للرئيس الحالي ،فذلك هو المنعطف المرتقب الحساس ،بامتياز !.
فالتمديد، يعنى تفريغ الديمقراطية من مضمونها و إضعاف المكاسب الديمقراطية، مهما كانت ناقصة فى الأصل،و تحويل البلد إلى ساحة نفوذ فوضوي دون حد ،يفقد الأمل فى التناوب و يحول موريتانيا إلى نموذج حكم شخصي، ضيق انتقائي ،تحت حماية العسكر،المصرين على البقاء فى ساحة النفوذ ،عبر وكيل مأمون ،على مصالحهم الخاصة بالدرجة الأولى !.
أماالتصعيد و الصدام ،فقد يسببه النزول للشارع بصورة غير محسوبة ،من أجل منع إلغاء القفل الدستوري و منع استمرار التلاعب بالدستور و غيره من المكاسب ،مهما كانت ثغراتها و نواقصها .
فهلا تحسسنا مواقع أقدامنا ،قبل حلول ساعة النزاع ،عسى أن نتخذ البحث السلمي و الحوار الحضاري،سبيلا فعالا، لتلافى الفتن و الزج بالوطن -لا قدر الله-فى أتون فتنة مدلهمة، لا طائل من ورائها .
و أكرر التحذير ،لأنصار النفوذ المطلق الفوضوي ،المضعف لهيبة الدولة،المأمورية الثالثة لن تمر بسهولة !.
و من وجه آخر ،أقول للرافضين لتلك المأمورية المثيرة بحق ، الاستقرار الراهن ،مهما كان ناقصا، ينبغى الحفاظ عليه بحزم و وعي و مهارة ،قبل فوات الأوان .
و لات ساعة مندم .