إنتهى عصر سياسة الكيل بمكيالين ولي الاذرع وودعنا عهود الاحتجاجات والإضرابات ' وركوب لجج السياسة واستغلال بعضنا البعض ' لما قيض لنا المولى عز وجل قيادة متنورة معرفيا وأخلاقيا ' قيادة رشيدة وبصيرة همها توحيد الشعب وما يجمعه ' لكن الأقدار شاءت ' وهذا من سنن الله الكونوية أن تكون هنالك معارضة لا بمفهوم الشحنة التقليدية للكلمة ' وإنما من ناحية خلق الثنائية الزوجية للأشياء والتناقضية التى تعطي للأشياء ماهياتها الجوهرية ' بمعنى أن الإختلاف والتعارض مسألتان إيجابيتان وهما سر الوجود (mystère de l'existence) ولولا الواحد منهما لما وجد الآخر وهذا ما فهمته تعقلته القيادة المتجددة محاولة احتواء الكل والعمل مع الكل ' محدثة قطيعة تامة مع الممارسات الماقبلية وهادفة لاشاعة ثقافة التسامح والتقرب من الجميع وخدمة الجميع ' لكن ذلك لن يكون إلا بنشر ثقافة التهدئة كما قال فخامة رئيس الجمهورية ' والتهدئة ليست احادية بل عمل جمعوي ورؤية شاملة يجب أن يعنى بها الجميع ' فلقد مللنا التجافي والخصومات السياسية العقيمة والاحتجاجات والإضرابات السياسوية الموجهة ' أليس فينا ومن بيننا من هو رشيد حكيم ؟ أليس فينا من هو مواطن مخلص ؟ أليس فينا من هو عفيف وذو انفة وكبرياء يغلب مصلحة البلد على مصلحة الافراد ؟ .
حقا أن الإضراب حق مصون ويكفله الدستور الموريتاني ؛ لكن طبيعة المرحلة تتطلب اكثر من أي وقت مضى الحرص على السير قدما وخلق مناخ وجو لاتاحة الفرصة للنظام لمواصلة الإصلاحات التى تتطلبها المرحلة الراهنة ؛ بعيدا عن سياسة الكيل بمكيالين ولي الأذرع ؛ وطي صفحة الاستعراض العضلاتى لركوب الإضراب والعصيان المدني كمطية للحصول على الحقوق ؛ فما الدواعي وراء ممارسة هذا النوع من العصيان المدني الممجوج نظما وأعرافا ' مادام ربان السفينة صرح نهارا جهارا بأن يكون رئيسا للكل بغض النظر عن توجهاتهم وانتماءاتهم الإيديولوجية والحزبية ؛ وأنه سيعمل على تحسين أوضاع الشعب وخاصة الشرائح الهشة؛ وبالتالى لانرى ضرو ة في الإضراب أو الاحتجاج مادامت الحكومة وخاصة الوزارة الوصية على المدرسين تعمل جادة بفريقها الذى يعمل كخلية نحل من أجل الرفع من المستوي المادي والمعنوي للمدرس وكل المؤشرات تشي بذلك بدء بالافتتاح الدراسي ووصولا الي توزعة خريجي المدارس المهنية وانتهاء بالترقيات والتحويلات الشفافة لمدراء المؤسسات خاصة التعليم الثانوي ولأول مرة تتم فيها الشفافية بشهادة ذوي الميدان والنقابات ورابطات الآباء الذين تم اشراكهم في كل ماله صلة بالتعليم ولاشك أن سفينة الإصلاح تتري وتتواصل بخطى حثيثة حاملة في جعبتها طموح وآمال الشعب ؛ وعود على بدء فالدعوة للإضراب ماهي إلا نوع من المروق والخروج على جو الانفتاح الذي استكته السلطة الراهنة ومحاولة تقويضه والتأثير عليه ؛ لكن قافلة الاصلاح آلت على نفسها أن تواصل مسيرة البناء المنشود وتلطيف الجو ؛ بل ومواصلة سنة التشاور التى هي مقصد شرعي ؛ ومن هنا كان ينبغى على المضربين إحترام إرادة الشعب التى تحن الى التهدئة والالتفاف بخطى ثابتة حول القيادة الوطنية والعمل على كل ما من شأنه اضفاء السكينة والحياء على الحياة العامة ونكران أو نسيان أو تناسي الذات وأن نعمل معا من أجل خدمة بلدنا لتطويره علميا واقتصاديا ' خاصة أن هنالك بوادر واعدة للاكتشافات النفطية وهو ما يتطلب تضافر الجميع والمحافظة على الإستقرار الذي هو أساس النماء والتطور ؛ واذا كان الإضراب حقا مشروعا ؛ الا انه يبقى حقا مشروطا باحترام ارادة الشعب والشعب لاريب أنه قال كلمة الفصل اليوم ورماها في مرمي القائد الهمام فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الغزواني وهو المسؤول الأول عن تدبير الشؤون العامة ؛ وتنازل الشعب له عن تلك المسؤولية طواعية له ؛ من خلال صناديق الاقتراع ' فما علينا إلا التأني والتبتل في محراب الصبر وإتاحة الوقت لحكومتنا التكنوقراطية لتنفيذ برنامج " تعهداتي " ومن ثمة نناشدكم زملاءنا الكرام بالابتعاد عن كل ما من شأنه أن يشل مؤسسات الدولة ؛ فأنتم بناة الدولة وهادموها إن أردتم وصاقلو أدمغة اجيالها ؛ أليس فيكم رجل رشيد ؟ .
إن بلدنا يحتاج الى من يصونه أمنيا؛ إلى من يحافظ على هويته ؛ الى من يصغي ويستمع الى أصوات المبحوحين ؛ والى أناة المرضى ؛ إلى من يصنع من معارضة الأمس واعداء الأمس للسلطة أصدقاء ؛ الى من يفكر في فك العزلة ؛ وربط مدننا ببعضها البعض طرقيا ؛ ان كل هذا يحتاج الى شخصية كارزمية من مثل القيادة النيرة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الغزواني ' وأخيرا أختم بما قاله سيدنا عمر رضي الله عنه : " لو أن شاة عثرت فى العراق ' فخفت أن يسألني الله عتها يوم القيامة ' لم لم تمهد لها الطريق يا عمر " أليس فى موريتانيا ومن المضربين بشكل خاص رجل رشيد؟
ذ / السيد ولد صمب انجاي
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد
كيفه بتاريخ: 10 / 12 / 2019