المفروض أن الاستحقاقات الانتخابية مواسم عمل ديموقراطي يعرض فيه المترشحون إمكاناتهم وبرامجهم الانتخابية على الشعب ليختار الأصلح والأنسب والأقدر على تلبية طموحاته وتحقيق آماله ، غير أن هذه المواسم لا يتأتى تحقيقها لهدفها الأسمى إلا إذا خلت تماما من الضغوط وكانت فيها الفرص متكافئة أمام الجميع ، فماهو حظ استحقاقاتنا القادمة من تكافئ الفرص بين المتنافسين !! وهل نحن فعلا نستعد لخوض غمار استحقاقات ديموقراطية تحقق الحد الأدنى من الشفافية وحياد الإدارة !! أم ان الأمر لا يعدو تمثيلية سمجة سيتم بها تشريع انقلاب أبيض على السلطة!! وتبادل الأدوار بين كبار الممثلين !!لا اريد أن أكون متشائما وانا احاول الإجابة على هذه التساؤلات ،غير أنني أيضا لا يمكن أن اكون متفائلا لدرجة تجعلني اتجاهل الحقائق الماثلة للعيان والدالة على أن عقبات كاداء تنتصب في وجه شفافية الاستحقاقات القادمة وتجعل مشاركة المعارضة فيها ضربا من العبث والسخرية من الذات إن لم تضغط باتجاه تحقيق الحد الأدنى من الحياد الإداري اللازم والمطلوب قبل فوات الاوان ، ولعل من ابرز المطبات والعراقيل الجاثمة اليوم في وجه عملية ديموقراطية نزيهة _ تقف فيها الإدارة موقف الحكم العادل بين المتنافسين _ لعل من أبرز هذه المطبات والعراقيل ما يمكن تلخيصه في النقاط التالية :_ تشجيع الأطر الاجتماعية المناقضة للدولة :اقصد بالأطر الاجتماعية المناقضة للدولة كافة الأطر القبلية والجهوية التي تتنافى مع سيادة دولة المؤسسات بحيث تضعف بقوة الدولة وتنشط وتقوى كلما غابت الدولة او ضعف نفوذها، وهذه الأطر يتم تشجيعها وتنشطيها الآن بمختلف الوسائل من طرف الدولة في وجه كل استحقاقات انتخابية ، بحيث ترعى الإدارة دون استحياء أنشطة ذات طابع قبلي ( اطر القبيلة الفلانية ، وجهاء وشيوخ قبيلة كذا ...) او جهوي ( اطر ولاية كذا أو المقاطعة كذا ) ، فمثل هذه التجمعات والمبادرات حين تتم برعاية الدولة او حتى بتغاضيها تعتبر عقبات حقيقية في وجه شفافية الاستحقاقات وحياد الإدارة فيها ._ خميس الرشاوىتمارس الإدارة الموريتانية في وجه كل استحقاقات انتخابية سلسلة من الرشاوى يشكل يوم الخميس إطارها الزماني ومجلس الوزراء إطارها المكاني ، حيث تتم رشوة الوجهاء والفاعلين السياسيين بتعييات سامية لهم وللمحسوبين عليهم من اجل دعم الجهة التي تتبناها الدولة ، وفي نفس الوقت يتم تجريد شخصيات اخرى عقابا على مواقف سياسية لا تنسجم مع خيار الإدارة وهذا في الحقيقة اخطر أنواع تدخل الدولة في شفافية الانتخابات لأنه يشكل ابتزازا حقيقيا لإرادة الناخبين .._ استنزاف المعارضة :تمارس الإدارة الموريتانية عملية ابتزاز واستنزاف مكشوفة للمعارضة في وجه الاستحقاقات الانتخابية ، حيث يتم الضغط بمختلف الوسائل على الاطر المعارضة بغية دفعها للتخلي عن خطها السياسي ، مما يجعلها تدخل معركة غير متكافئة مع إدارة لا ترحم تحرمها من حقها في التعيين و تثقل كواهلها بالضرائب و تمارس عليها ابشع انواع الابتزاز وشعارها العلني : إما الانسحاب من المعارضة وإما الاستعداد لما هو اسوأ .هذه نماذج قليلة من عقبات كثيرة تعاني منها المعارضة الموريتانية وتحولها من موقع من يقارع ندا سياسيا يامل في التغلب عليه إلى من يغالب بلدا بإمكاناته وقدراته وجيشه ومؤسساته وهذا في الحقيقة يجعل السعي للمشاركة والرغبة في التغيير من خلال صناديق الاقتراع لعبة سيزيفية لا امل فيها على الأقل في المستقبل القريب .هذا الواقع المرير يحتم على المعارضة بمختلف أطيافها توحيد الجهود من اجل فرض مستوى من الشفافية وحياد الإدارة يحيي الأمل في استحقاقات ديموقراطية نزيهة وشفافة .بقلم
محمد أحيد ولد سيدي محمد